المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

18

 

 

 

اقتضاء العلم الإجمالي للتنجيز

 

أمـّا المقام الأوّل، وهو البحث عن اقتضاء العلم الإجماليّ للتنجيز وعدمه، فللتنجيز مرتبتان:

المرتبة الاُولى: التنجيز بمقدار حرمة المخالفة القطعيّة، ولا ينبغي الإشكال في اقتضاء العلم الإجماليّ لهذا المستوى من التنجيز، فإنّ البيان بمقدار الجامع ثابت على كلّ حال، ولم يستشكل أحد من المحقّقين المتأخّرين في اقتضائه للتنجيز بمقدار حرمة المخالفة القطعيّة، ونسب القول بعدم الاقتضاء إلى من لم نقف على اسمه من المتقدّمين، ولعلّه كان في عصر لم يميّز فيه بعدُ بين الأصل العقليّ والشرعيّ، فكان مقصوده ـ في الحقيقة ـ دعوى جريان البراءة الشرعيّة في الأطراف لا البراءة العقليّة. وعلى أيّة حال، فإنكار الاقتضاء في المقام واضح البطلان.

والمرتبة الثانية: التنجيز بمقدار وجوب الموافقة القطعيّة، وهذا هو الذي يكون في الحقيقة مثاراً للبحث عن اقتضاء العلم الإجماليّ للتنجيز وعدمه.

وقد ذهب المحقّق النائينيّ (قدس سره) ـ على ما في تقرير السيّد الاُستاذ(1) ـ إلى عدم اقتضائه للتنجيز بهذا المقدار، ولكنّ المشهور في مدارس المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) هو الاقتضاء، وهو المنقول عن المحقّق النائينيّ في تقرير الشيخ الكاظميّ(2).

والظاهر أنّ الاختلاف بين التقريرين باعتبار تعدّد الدورتين، لأنّ دورة البحث التي كتبها الشيخ الكاظميّ سبقت الدورة التي كتبها السيّد الاُستاذ، فكأنّ الشيء الذي استقرّ رأي المحقّق النائيني (رحمه الله) عليه أخيراً هو القول بعدم الاقتضاء.

وربط بعضٌ اقتضاءَ العلم الإجماليّ للتنجيز بمقدار الموافقة القطعيّة وعدمه بحقيقة العلم الإجماليّ وما هو المنكشف به، فنحن نتكلّم أوّلا في حقيقة العلم الإجماليّ، وبيان الوجوه في ذلك، ثمّ نتكلّم على كلّ وجه من تلك الوجوه في مقدار اقتضاء العلم الإجماليّ، فنقول:


(1) ج 2، ص 245 .

(2) راجع فوائد الاُصول: ج4، ص9 .