المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

15

 

 

 

 

 

 

منجّزيّة العلم الإجماليّ

 

لا يخفى أنـّنا على مسلكنا من إنكار مبدأ قبح العقاب بلا بيان نكون فارغين عن وجود المقتضي للتنجيز لكلّ من الطرفين، وهو نفس الاحتمال بلا حاجة إلى البحث عن أنّ العلم الإجماليّ هل يقتضي التنجيز بقدر الجامع، أو بقدر الواقع، وإنـّما نحتاج إلى البحث عن أنّ العلم الإجماليّ هل يمنع عن جريان الاُصول في الأطراف تماماً، أو في بعضها أيضاً، أو لا؟ في حين أنـّه على مبنى القوم القائلين بقاعدة قبح العقاب بلا بيان يقع البحث في أنّ العلم الإجمالي هل يقتضي التنجيز، أو لا؟ واقتضاؤه للتنجيز هل يكون بمقدار الجامع، أو بمقدار الواقع؟ واقتضاؤه له هل هو بنحو العلّيّة التامّة، أو لا؟

إلاّ أنّ السيّد الاُستاذ رغم إيمانه بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ذهب(1) في المقام إلى أنّ احتمال التكليف يقتضي التنجيز، ولا حاجة إلى البحث عن اقتضاء العلم الإجماليّ للتنجيز، فذكر: أنّ احتمال التكليف بما أنـّه يقتضي في نفسه احتمال العقاب في المخالفة يقتضي ـ لا محالة ـ التنجيز في المقام؛ لأنّ احتمال العقاب يوجب التنجّز، ويحكم العقل على أساس هذا الاحتمال بلزوم الامتثال ما لم يوجد رافع لهذا الاحتمال، ومؤمّن من العقاب كقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وحتّى في فرض القطع بالتكليف إنـّما يكون المنجّز هو احتمال العقاب لا القطع بالعقاب؛ إذ لا قطع بالعقاب، فإنـّه يحتمل عدم العقاب بمثل التوبة أوالعفو أوالشفاعة.

نعم، احتمال العقاب عند القطع بالتكليف أقوى منه عند الشكّ فيه؛ لأنـّه عند الشكّ يوجد منشأان لاحتمال عدم العقاب: أحدهما: احتمال عدم العقاب من


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 218ـ 219، والمصباح: ج 2، ص 344ـ 345.