المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

99

وبكلمة اُخرى: إنّ هذا تحريم أنشأه المولى احتياطاً منه، لا أمر باحتياط العبد في مقام التحذّر عمّا حرّمه المولى حتّى يكون حكماً ظاهريّاً، وكم فرق بين تكليف المولى احتياطاً منه وبين التكليف بالاحتياط، فهذه حرمة احتياطيّة متوسّطة بين الحكم الواقعيّ والظاهريّ أُنشئت تحفّظاً على ملاكات الترك، وإن شئنا عبّرنا عن ذلك بالحكم الواقعيّ الطريقيّ في قبال الأحكام الواقعيّة المتعارفة الحقيقيّة. و في قبال هذه الحرمة حلّيّة من سنخها، وهي ترخيص المولى وعدم تحفّظه على تلك الملاكات قبل إصدار الحكم، فهذه حلّيّة موضوعها عدم ورود النهي بمعنى الصدور لا بمعنى الوصول يحتمل أن تكون هي المقصود من هذا الحديث.

إن قلت: إنّ هذا الحديث إنّما ورد بعد بيان تمام الأحكام؛ إذ هو وارد عن الصادق(عليه السلام)، وليس وارداً في عصر التشريع الذي كان يتمّ بالتدريج.

قلت: أوّلاً: إنّ تشريع الأحكام ـ على ما يشهد له بعض الأخبار ـ كان متدرّجاً حتّى بلحاظ زمان الأئمّة المعصومين(عليهم السلام)(1)، حتّى أنّ بعض الأحكام استبقي لزمان ظهور الحجّة عجّل الله تعالى فرجه(2).

 


(1) لعلّه(رحمه الله) ينظر إلى بعض الروايات الواردة في اُصول الكافي، ج 1، كتاب الحجّة باب التفويض إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وإلى الأئمّة(عليهم السلام) في أمر الدين، 265 ـ 268.

(2) لعلّه(رحمه الله) ينظر إلى ما في البحار ـ ج 52، ب 27 من تأريخ الإمام الثاني عشر،ح 2، ص 309 ـ عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) وأبي الحسن(عليه السلام)قالا: «لو قد قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله، يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورّث الأخ أخاه في الأظلّة (قيل: يعني عالم الأرواح والأشباح قبل هذا العالم)»، وأيضاً ورد في