المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

93

وعلى أيّة حال، فنحن لا نحتاج إلى إثبات هذا الاختصاص، فإنّ الآية إن لم تكن مختصّة بالشبهات التحريميّة فلا أقلّ من كون الشبهة التحريميّة قدراً متيقّناً من نفس مفهوم هذا الكلام، فإنّ الاتّقاء والاجتناب إن سُلّم شموله للاجتناب عن الترك فشموله له وللاجتناب عن الفعل ليس على حدّ سواء، بل نسبة المفهوم إلى المصداق الثاني ـ أعني: الاجتناب عن الفعل ـ أوضح إلى حدّ يجعله قدراً متيقّناً من نفس الخطاب، وهذا يكفي في ترتّب الفائدة التي نقصدها من فرض اختصاص الآية بالشبهة التحريميّة التي ستظهر إن شاء الله.

وبالنسبة للسؤال الثالث نقول: إنّها مختصّة بما بعد الفحص، فإنّنا وإن قلنا: إنّ اللام في قوله: ﴿يُبَيِّنَ لَهُم﴾أوجبت فرقاً بين هذه الآية والآية الثانية، فجعلتها ظاهرة في إرادة الوصول لا مجرّد الوصول، كما في الآية الثانية، لكن ليس المستفاد عرفاً من البيان لهم أن يطرق المولى أبواب بيوتهم ويخبرهم بالحكم واحداً بعد واحد، وإنّما المستفاد عرفاً من ذلك بيان الحكم بمعنى جعله بين أيديهم بحيث لو فحصوا لوجدوه.

إذن فهذه الآية من أنفس الأدلّة في قبال أخبار الاحتياط بناءً على تماميّة دلالتها، فإنّها أخصّ حتّى من أخصّ مضمون يفترض في أخبار الاحتياط، وهو ما يختصّ بالشبهة الحكميّة التحريميّة؛ إذ يشمل ذلك ما قبل الفحص وما بعده، والآية مختصّة بما بعد الفحص، فتقدّم على دليل الاحتياط بالأخصّيّة، بل لو فرضنا تساوي الآية وأخبار الاحتياط من هذه الناحية فأخصّ مضامين الاحتياط ساقط عن الحجّيّة بمعارضة الكتاب الكريم، فإنّ الخبر المعارض للكتاب في غير فرض القرينيّة ساقط عن الحجّيّة، كما حقّقناه في بحث خبر الواحد.

بل لو سلّمنا كون الآية أعمّ من أخبار الاحتياط أمكن أن يقال: إنّ سياقها آب عن التخصيص بتقريب أنّ لسانها لسان: ما كان الله ليفعل كذا، وليس من شأننا