المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

84

على البراءة الشرعيّة بالمرتبة الأرقى التي لا يرتفع موضوعها ببيان الاحتياط.

ويؤيّد ذلك ما ورد في حديثين من تفسير قوله: ﴿حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُون﴾ بأنّه حتّى يعرّفهم ما يرضيه وما يسخطه(1)، فقد فسّر الموصول بالموضوع ـ أي: الفعل والترك ـ


(1) الكافي، ج 1، باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة، ح 3، وح 5، ص163. والحديث الأوّل ضعيف سنداً، فهو ما رواه الكلينيّ(رحمه الله) عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن محمّد الطيّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُون﴾ «قال: حتّى يعرّفهم ما يرضيه وما يسخطه». والسند إلى ثعلبة بن ميمون تامّ،ولكن حمزة بن محمّد الطيّار لا يدلّ على وثاقته عدا ما ورد في الكشّي بسند تامّ عن هشام بن الحكم «قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): ما فعل ابن الطيّار؟ قال: قلت: (مات). قال: رحمه الله ولقّاه نضرة وسروراً، فقد كان شديد الخصومة عنّا أهل البيت». وما ورد فيه أيضاً بسند تامّ عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد الله(عليه السلام) «فقال: ما فعل ابن الطيّار؟ فقلت: (توفّي). فقال: رحمه الله، أدخل الله عليه الرحمة، ونضرة، فإنّه كان يخاصم عنّا أهل البيت». ولو سلّمنا تماميّة دلالتهما على التوثيق يبقى الكلام في مدى الوثوق بكون المقصود بابن الطيّار فيهما هو حمزة بن محمّد الطيّار. وقد جزم السيّد الخوئيّ(رحمه الله)(1) بأنّ هذين الحديثين راجعان إلى أبيه محمّد الطيّار، بدليل ما جاء فيهما من موته في زمان الإمام الصادق(عليه السلام). وأمّا حمزة فقد أدرك الإمام الكاظم(عليه السلام)، وروى عنه على ما ورد في الروضة من حديث عن حمزة الطيّار «قال: كنت عند أبي الحسن الأوّل(عليه السلام) فرآني أتأوّه. فقال: ما لك؟ قلت: ضرسي. فقال: لو احتجمت. فاحتجمتُ فسكن، فأعلمته. فقال لي: ما


(1) راجع معجم رجال الحديث، ج 6، الرقم 4062 و4032.