المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

483

وأمّا بناءً على مبنى البراءة العقليّة فلا تنجيز هنا من ناحية ذات الاحتمال، فلابدّ من ملاحظة حال العلم الإجماليّ في المقام.

وشرح الكلام في ذلك هو: أنّه إن فرضت المزيّة في نفس الاحتمال أمكن التفصيل بين كون العلم الإجماليّ منجّزاً ابتداءً للجامع فلا أثر هنا له؛ إذ الجامع ضروريّ التحقّق، فلا يقبل التنجّز، والعلم لا ينجّز شيئاً آخر غير الجامع، ومبنى كون العلم الإجماليّ منجّزاً ابتداءً للموافقة القطعيّة، فإنّ أصحاب هذا القول يمكن أن يدّعوا أنّه حيث لم تمكن الموافقة القطعيّة تصل النوبة إلى درجة أضعف، وفي غير فرض المزيّة لأحد الاحتمالين لم تكن هنا إلاّ درجتان للطاعة: درجة الموافقة القطعيّة، ودرجة الموافقة الاحتماليّة، والاُولى ضروريّة العدم، والثانية ضروريّة الثبوت، لكن في فرض المزيّة توجد بعد درجة الامتثال القطعيّ درجتان اُخريان: درجة الموافقة الظنّيّة وهي تحصل بالعمل بذي المزيّة، ودرجة الموافقة الوهميّة وهي تحصل بالعمل بالطرف الأضعف، فيمكن لأصحاب هذا المبنى أن يدّعوا أنّ الموافقة القطعيّة إذا استحالت تصل النوبة إلى الموافقة الظنّيّة، ويؤثّر العلم في تنجيزها(1).

وأمّا إن فرضت المزيّة في المحتمل بأن علمنا أو احتملنا أهمّيّة أحد الجانبين على تقدير كونه هو الثابت في الواقع من الجانب الآخر على تقدير كونه هو الواقع، فهنا لا يتأتّى ما عرفته من التفصيل، بل على كلا المبنيين في العلم الإجماليّ



(1) هذا بناءً على الإيمان بالتوسّط في التنجيز في المقام، أمّا لو قيل باستحالة ذلك ـ بدعوى أنّ علّيّة العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة تكون بمعنىً يشمل ضرورة سقوط التكليف عند العجز عن الموافقة القطعيّة للعلم ـ فالتكليف هنا ساقط من أصله؛ لعدم تعقّل التوسّط في التكليف في المقام كما سيظهر قريباً إن شاء الله.