المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

482

هذا تمام الكلام في المقام بقطع النظر عن فرض مزيّة في أحد الجانبين من الأقوائيّة احتمالاً أو محتملاً.

وأمّا بالنظر إلى ذلك فإن قلنا بجريان بعض أدلّة البراءة فيما نحن فيه من استصحاب أو غيره فلا إشكال هنا، فإنّ مجرّد تلك المزيّة لا يمنع عن ذلك(1).

وإن لم نقل بجريان بعض الأدلّة، فإن قلنا بمبنى منجّزيّة الاحتمال فلا محالة يقدّم جانب ذي المزيّة على الآخر، فإذا كان احتمال الوجوب مثلاً ستّين بالمئة واحتمال الحرمة أربعين بالمئة، فقوّة الاحتمال بمقدار أربعين بالمئة من كلّواحد من الجانبين تزاحم في اقتضائها لتنجيز الاحتمال الآخر، ولكنّ الزيادة في قوّة احتمال الوجوب لا مزاحم لها في اقتضائها، فكأنّ العقل يحلّل الاحتمال الأقوى إلى حصّتين، ويرى أنّ إحدى الحصّتين وإن كانت مبتلاة بالمزاحم لكنّ الحصّة الاُخرى تؤثّر بلا مزاحم. هذا في فرض أقوائيّة الاحتمال.

وأمّا في فرض أقوائيّة المحتمل، أو احتمال أقوائيّته فأيضاً يكون الاحتمال بلحاظ الدرجة الاُولى من المحتمل مبتلىً بالمزاحم في التأثير، وبلحاظ الدرجة الثانية لا مزاحم له فيؤثّر، فكأنّ العقل يحلّل هذا الاحتمال بلحاظ قوّة المحتمل فيكون احتمال الزائد منجّزاً بلا مزاحم.

والخلاصة: أنّه بناءً على مبنى منجّزيّة الاحتمال يتنجّز ذو المزيّة بنفس الاحتمال بلا حاجة إلى الاستمداد من العلم الإجماليّ.



(1) إلاّ إذا قلنا: إنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، وإنّه بعد العجز عنها يكون علّة تامّة لوجوب الموافقة الظنّيّة مع الإمكان، وكانت المزيّة في أحد الجانبين فيما نحن فيه عبارة عن أقوائيّة الاحتمال، فهنا ينسدّ باب الترخيص الشرعيّ في جانب الاحتمال الأقوى.