المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

480

ولكن يمكن تصحيح هذا الوجه بإضافة شيء إليه، وذلك بأن يقال: إنّ قوله: (رفع ما لا يعلمون) تارةً يفترض أنّه رفع لكلّ تكليف مشكوك، سواء فرض وجوده في الواقع أو لا في قبال وضعه بجعل الاحتياط، وعليه نحتاج في المقام إلى رفعين، رفع للوجوب، ورفع للحرمة، واُخرى يفترض أنّه رفع لكلّ تكليف مشكوك للعبد من التكاليف الثابتة في لوح التشريع، وعليه فلا تحتاج في المقام إلاّ إلى رفع واحد؛ إذ لا يوجد في لوح التشريع إلاّ حكم واحد فقط ولا يوجد الوجوب والحرمة معاً. فإن فرض الأوّل تأتّى ما ذكرناه من أنّ الوضع ممكن، فيصحّ الرفع أيضاً؛ إذ من الممكن للمولى أن يضع أحد الجانبين معيّناً على العبد، فبالإمكان رفعهما، لكنّ هذا الاحتمال الأوّل في نفسه خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر من العلم في قوله: (رفع ما لا يعلمون) ليس هو مطلق القطع، وإنّما الظاهر منه أنّه لوحظت فيه جهة الانكشاف الصحيح المطابق للواقع، فيتعيّن أن يكون المقصود من الموصول هو الحكم الثابت في الواقع، حتّى تصحّ نسبة العلم إليه ونفيه عنه، وعلى هذا الفرض نقول: إنّ الوضع هنا بطريقةعرفيّة غير متصوّر؛ لأنّه إمّا أن يفرض أنّه وضع للواقع بإجماله على ما هو عليه في الواقع، وإمّا أن يفرض أنّه وضع للموافقة القطعيّة تجاه ذلك الواقع، وإمّا أن يفرض أنّه وضع للموافقة الاحتماليّة تجاهه، وشيء من هذه الاُمور لم يتمّ:

أمّا الأوّل: فلأنّ وضع ذات الواقع على ما هو عليه لا يفيد شيئاً زائداً على نفس ذلك التكليف الواقعيّ، فإنّ موافقته القطعيّة أيضاً غير ممكنة، وموافقته الاحتماليّة أيضاً ضروريّة كأصل ذلك التكليف.

وأمّا الثاني: فلاستحالة الموافقة القطعيّة بالجمع بين الفعل والترك.

وأمّا الثالث: فلضروريّة الموافقة الاحتماليّة.

وإذا لم يتصوّر الوضع بطريقة عرفيّة لم يثبت الرفع، فإنّ المفهوم عرفاً منه هو