المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

479

نعم، ما ذكرناه من الإشكال الإثباتيّ ثابت هنا بشكل واضح، حيث إنّ قوله: (كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام) ظاهر في أنّه يكون أحد طرفي الاحتمال هو الحرمة، والطرف الآخر هو الحلّيّة، فرجّح جانب الحلّيّة والتسهيل على جانب الحرمة.

ثمّ إنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله) ذهب إلى أنّه لا تجري البراءة الشرعيّة فيما نحن فيه، لا بلحاظ قوله: (كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام) ولا بلحاظ حديث الرفع(1).

أمّا الأوّل: فلما مضى من عدم انحفاظ مرتبة الحكم الظاهريّ للقطع بعدم الحلّيّة(2)، وقد عرفت منّا تحقيق الحال في ذلك.

وأمّا الثاني: فلأنّ(3) الرفع يقابل الوضع تقابل العدم والملكة، فالمقصود من حديث الرفع هو رفع شيء يقبل الوضع، والوضع فيما نحن فيه غير معقول؛ إذ لو كان وضعاً للفعل والترك فغير صحيح، لاستحالة الجمع بين النقيضين، وإن كان وضعاً للجامع بينهما بنحو التخيير بين الفعل والترك فأيضاً غير صحيح؛ لضروريّة الجامع.

أقول: إنّ هذا الوجه بهذا المقدار من التقريب قابل للجواب عنه، وذلك بأن يقال: إنّه وإن لم يمكن وضع أحدهما التخييريّ ـ أي: وضع الجامع بينهما ـ ولا وضعهما معاً، ولكنّ كلّ واحد منهما على التعيين قابل لأن يوضع بدون الآخر، أي: أنّ للمولى على سبيل البدل أن يضع أحدهما تعييناً، فله رفعهما.



(1) راجع فوائد الاُصول، ج 3، ص 162 ـ 163، وأجود التقريرات، ج 2، ص232.

(2) وذكر غير هذا أيضاً، راجع التقريرين.

(3) وذكر غير هذا أيضاً على ما في أجود التقريرات.