المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

475

الإجماليّ فأنكر البراءة العقليّة وذكر التخيير العقليّ، هذا كلّه في البراءة العقليّة.

وأمّا البراءة الشرعيّة فالصحيح ـ وفاقاً للمحقّق العراقيّ والمحقّق النائينيّ(قدس سرهما)وخلافاً للسيّد الاُستاذ ـ عدم جريانها فيما نحن فيه.

وقد أفاد المحقّق العراقيّ(رحمه الله) في وجه عدم جريان البراءة(1): أنّه لا يمكن أن تجري إلاّ في المرتبة المتأخّرة عن سقوط العلم الإجماليّ عن التنجيز؛ إذ تنجيزه يمنع عن البراءة، وسقوطه عن التنجيز إنّما يكون بملاك مرخّصيّة المضطرّ ومعذوريّة المُلجَأ واستحالة وجوب غير المقدور، ولا معنى للبراءة في طول المرخّصيّة والعذر.

وهذا الكلام ممّا لا يمكن المساعدة عليه، فإنّ البراءة الجارية في المرتبة المتأخّرة عن سقوط العلم الإجماليّ عن التنجيز ـ سواء أراد بها البراءة العقليّة، أو أراد بها البراءة الشرعيّة ـ تنفي غير ما نفيناه في المرتبة السابقة بإبطال منجّزيّة العلم الإجماليّ، فإنّه بعد أن أبطلنا منجّزيّة العلم الإجماليّ باستحالة التنجيز لغير المقدور والترجيح بلا مرجّح بقي احتمال منجّزيّة كلّ واحد من الاحتمالين في نفسه، إمّا ذاتاً، وهذا ما تنفيه البراءة العقليّة، وإمّا من باب جعل الشارع الاحتياط، وهذا ما تنفيه البراءة الشرعيّة. وقد ظهر بذلك أنّه لا مانع ثبوتاً من جريان البراءة الشرعيّة فيما نحن فيه.

نعم، أدلّة البراءة قاصرة إثباتاً عن إفادة البراءة فيما نحن فيه؛ لأنّ صورة جريان البراءة المستفادة من أدلّة البراءة تغاير صورة جريان البراءة المتصوّرة في المقام، كما يتّضح ذلك بالالتفات إلى هاتين الصورتين:

أمّا صورة البراءة الممكن جريانها في المقام فتتّضح بالالتفات إلى ما مضى منّا



(1) راجع نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 293. وراجع المقالات، ج 2، ص 83.