المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

459

وبكلمة اُخرى: إنّ التقابل المؤثّر في المقام ليس بمعنى الطارديّة والمطروديّة حتّى يقال: إنّ كلّ وجود لا يطرد إلاّ عدم نفسه، فوجود الفرد الواحد للطبيعة لا يقابله كلّ الأعدام، وإنّما هو التقابل في الصدق والكذب، حيث إنّ الأمر بالصلاة في قوّة الأمر بجعل قضيّة (الصلاة موجودة) صادقة، والنهي عنها في قوّة طلب جعل قضيّة (الصلاة غير موجودة) صادقة لا في قوّة أن يحفظ عدم واحد عن شمول الطرد إيّاه.

ولا يصدق عدم وجود الصلاة بمجرّد إبقاء بعض الأعدام وعدم طرده، وإنّما يصدق بانتفاء تمام الأفراد، في حين أنّه يكفي في صدق وجود الصلاة وجود فرد واحد، أي: أنّ ما أفاده المشهور من أنّ الطبيعة توجد بوجود واحد ولا تنعدم إلاّ بانعدام تمام أفرادها صحيح.

وتوضيح ذلك: أنّ الوجود والعدم لا يعرضان على أفراد الطبيعة؛ إذ لا أفراد للطبيعة إلاّ بلحاظ الوجود، وإنّما يعرضان ابتداءً على أصل الطبيعة، ففي المرتبة السابقة على الوجود والعدم لا يكون هناك أفراد، وإنّما تكون هناك الطبيعة وتكون أيضاً حصص الطبيعة، والوجود والعدم يعرضان على طبيعة الصلاة مثلاً، وعلى حصّة من حصصها كالصلاة في المسجد أو الصلاة في البيت ونحوهما، ونسبة الحصّة إلى أصل الطبيعة هي نسبة الكلّ إلى الجزء، فإنّ مفهوم الحصّة مركّب من مفهوم الصلاة ومفهوم تقيّدها بقيد، فمفهوم الصلاة في المسجد مثلاً التي هي حصّة من طبيعة الصلاة مركّب من أصل مفهوم الصلاة ومن مفهوم كون الصلاة في المسجد، والجزء الثاني أخصّ من الجزء الأوّل.

هذا، وهناك قضيّتان ضروريّتان متّفق عليهما بيننا وبين المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره): إحداهما: أنّ الوجود العارض على المجموع المركّب ينسحب على تمام أجزاء ذاك المركّب. والاُخرى: أنّ العدم العارض على المركّب لا ينسحب على تمام أجزاء المركّب، بل يكفي في عدم المجموع عدم جزء من أجزائه. وبهذا البيان