المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

458

الثاني: هو التقابل بلحاظ المفاهيم الأفراديّة في الذهن، كمفهوم الإنسان ومفهوم اللا إنسان، فهما متقابلان لكن لا توجد طارديّة ومطروديّة في المقام، فإنّ نسبتهما إلى عالم الذهن على حدّ سواء، ولا يطرد أحدهما الآخر، و إنّما تقابلهما يكون على حدّ تقابل كلّ مفهوم مع مفهوم آخر، كتقابل مفهوم الإنسان مع مفهوم الحجر مثلاً.

الثالث: التقابل بلحاظ عالم القضايا والأحكام، فمثلاً ما مضى من مفهوم الإنسان واللا إنسان تارةً نتصوّرهما بما هما مفهومان ذهنيّان، فهما يتقابلان تقابل كلّ مفهوم مع مفهوم آخر، وهذا ما مضى في لحاظ العالم الثاني، واُخرى نتصوّرهما بما هما مرآتان للخارج بعنوان حكايتهما عن الخارج، فيكونان حصيلتي قضيّتين وهما: الإنسان موجود، والإنسان ليس بموجود، والتقابل بين هذين الأمرين وهاتين القضيّتين أيضاً ليس بملاك الطارديّة والمطروديّة، فإنّ نسبتهما إلى الذهن وكذلك إلى الخارج على حدّ سواء، لكنّه يقع التقابل بينهما في الصدق أو في الصدق والكذب على اختلاف الموارد، فإنّه يختلف مثلاً تقابل الموجبة الكلّيّة مع السالبة الجزئيّة عن تقابلها مع السالبة الكلّيّة، فالأوّل بلحاظ الصدق والكذب، والثاني بلحاظ الصدق فقط.

وحينما يقول المولى: (صلِّ)، أو يقول: (لاتصلِّ) فكأنّه يقول: اجعل قضيّة (الصلاة موجودة) صادقة، أو يقول: اجعل قضيّة (الصلاة غير موجودة) صادقة، فتحقيق الحال هنا يرجع إلى أن نرى أنّ قضيّة (الصلاة موجودة) هل تصدق بوجود فرد واحد أو لا تصدق إلاّ بوجود تمام الأفراد؟، وقضيّة (الصلاة ليست موجودة) هل تصدق بعدم فرد واحد أو لا تصدق إلاّ بعدم تمام الأفراد؟ وكلام المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره) كما ترى غير مربوط بذلك، وإنّما هو مربوط بالتقابل في العالم الأوّل.