المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

456

طبيعة الأمر والنهي، بل إلى كيفيّة لحاظ الطبيعة، فإنّ الطبيعة تارةً تلحظ فانية في تمام الأفراد، واُخرى تلحظ فانية في فرد واحد، فإن لوحظت فانية في تمام الأفراد كان الحكم المتعلّق به شموليّاً، سواء فرض أمراً أو نهياً. وإن لوحظت فانية في فرد واحد كان الحكم المتعلّق به بدليّاً سواء فرض أمراً أو نهياً.

ويرد على هذا: ما حقّقناه في بحث المطلق والمقيّد من أنّ معنى الفناء هو لحاظ العنوان بما هو خارجيّ لا بما هو هو، وأنّ أيّ عنوان من العناوين لا يفنى بهذا المعنى من الفناء إلاّ في معنونه، فعنوان الطبيعة لا يفنى إلاّ في واقع الطبيعة التي هي الجهة المشتركة بين الأفراد. وأمّا الذي يفنى في واقع أحد الأفراد أو تمام الأفراد، فإنّما هو عنوان أحد الأفراد أو تمام الأفراد.

وأمّا المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره) فقد ذكر في المقام(1) أنّه يستحيل أن يفرض شيء


(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 228، و ج 1، ص 260 ـ 261. وحاصل كلامه في المجلّد الأوّل في أوائل بحث النواهي هو: أنّه لا يوجد وجود للطبيعة يكون بوجود واحد، في حين أن يكون بديله عدم الطبيعة بكلّ الأعدام، فإنّ الوجود إن اُضيف إلى الطبيعة المهملة التي كان النظر فيها مقصوراً على ذاتها وذاتيّاتها، فمقابله العدم المضاف إلى الطبيعة المهملة أيضاً، ونتيجة المهملة جزئيّة سواء في جانب الإيجاب أو جانب السلب. وإن اُضيف إلى الفرد فلكلّ وجود من وجودات الفرد عدم هو بديله، وإن لوحظ الوجود بنحو السعة حتّى لا يشذّ عنه وجود فيلحظ العدم أيضاً كذلك، فلا يشذّ عنه عدم ولا يعقل لحاظ وجود للطبيعة يكفيه وجود واحد مع كون بديله كلّ الأعدام. أمّا ما يتوهّم من أنّنا لو لاحظنا الوجود بمعنىً ناقض للعدم الكلّيّ، وطارد للعدم الأزليّ فهو ينطبق على أوّل الوجودات، ولكنّ نقيضه لا يكون إلاّ بتمام الأعدام؛ إذ لو وجد أيّ فرد لانتقض العدم الكلّيّ وانطرد العدم الأزليّ، فجوابه: أنّ طارد العدم الكلّيّ لا مطابق له في الخارج؛ لأنّكلّ