المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

425

(الفاء) للاختصاص بالحصّة الانقياديّة من أنّ العمل لم يفرّع في تلك الأخبار على داعي احتمال الأمر، بل فرّع على داعي ذاك الثواب الموعود، وهو أعمّ من الحصّة الانقياديّة، نعم، داعي الثواب يجرّنا إلى إتيان العمل بقصد القربة؛ لعلمنا بعدم ترتّب الثواب على العمل غير القربيّ، وحيث كان مصبّ الحثّ في هذه الأخبار طبيعيّ العمل برجاء الثواب لا العمل برجاء احتمال الأمر، فلا محالة نستكشف استحباب طبيعيّ العمل دون خصوص الحصّة الانقياديّة، وقصد القربة وإن كان لابدّ منه لترتّب الثواب لكن قصد القربة لا ينحصر في قصد ذلك الأمر الاحتماليّ الذي وصلنا بخبر ضعيف مثلاً، بل يكون له مصداق آخر أيضاً وهو قصد الأمر الجزميّ الثابت بنفس أخبار (مَن بلغ)، وهنا ليس المفروض إثبات هذا الفرد بشمول إطلاق الأخبار لغير الحصّة الانقياديّة حتّى يأتي ما مضى من أنّ هذا الإطلاق متوقّف على ثبوت هذا الفرد، فلا يمكن ثبوته بنفس هذا الإطلاق، بل المفروض أنّ الأمر الجزميّ ثابت بهذه الأخبار بظهورها في الحثّ والترغيب مثلاً.

هذا تمام الكلام في أصل مفاد أخبار (مَن بلغ).

 


إلاّ إذا قلنا:إنّه يكفي للتفريع فرض كون البلوغ موضوعاً للمحرّك، ولكن هذا يعني الاستفادة من نكتة المحقّق الاصفهانيّ(رحمه الله) الواردة في الوجه الثالث والتي ناقشناها بظهور التفريع في المحرّكيّة المباشرة.

فالحقّ: أنّ أخبار (مَن بلغ) لو حملت على الاستحباب النفسيّ تختصّ بالحصّة الانقياديّة.

والحقّ: أنّ مفاد أخبار (مَن بلغ) مردّد بين الاستحباب النفسيّ للانقياد الناشئ من ملاك جديد خلقه البلوغ، والاستحباب الطريقيّ الذي لا ملاك له إلاّ الحفاظ على ملاك الواقع ولا يختصّ بحالة الانقياد.