المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

423

حثّنا على العمل بكلّ ما وصلنا استحبابه، وأنّه إذا فعلنا ذلك بداعي القربة ثبت نفس الثواب الموعود في ذلك الخبر ولو فرض غير مطابق للواقع، بل أنّ هنا احتمالاً آخر في معنى أخبار (مَن بلغ) غير الاحتمالات الماضية لو لم يمكن استظهار خلافه بطل أصل دلالة هذه الأخبار على الحثّ على ما دلّ خبر ضعيف على استحبابه، وذلك الاحتمال هو أنّها إنّما تكون بصدد الحثّ على العمل بالمستحبّات الحقيقيّة التي بلغنا عليها ثواب معيّن بلوغاً غير قطعيّ، فتلك الأخبار تقول: إنّ الثوابات البالغة على بعض المستحبّات حتّى لو كان بلوغها غير مطابق في علم الله للواقع يضمنها لكم الله ـ تعالى ـ بذلك البلوغ، وعليه فقد فرض في المرتبة السابقة في موضوع هذه الأخبار استحباب شيء من الأشياء وخيريّته، وهذا هو ظاهر من جملة من الأخبار، حيث جاء فيها: «مَن بلغه ثواب على شيء من الخير»(1)، ففرضت الخيريّة مفروغاً عنها، وفرض بلوغ ثواب معيّن على ذلك الخير، وحيث إنّ ذلك البلوغ ليس قطعيّاً فتنقص محرّكيّة الثواب الموعود في ذلك الخبر البالغ تكون هذه الأخبار بصدد تكميل محرّكيّته، وإذا ضمّ شخص إلى ذلك دعوى الاطمئنان بوحدة المراد من تمام تلك الأخبار(2) ثبت بذلك أنّ هذا


(1) هذه الأخبار ضعيفة السند، فخبر صفوان ضعيف بعليّ بن موسى، راجع الوسائل، ج 1، ب 18 من مقدّمة العبادات، ص 59، ح 1. وخبرا عدّة الداعي والإقبال الظاهر أنّهما ينظران إلى الخبر الأوّل ـ راجع نفس الباب، ح 8 و9 ـ ولو استقلاّ عن الخبر الأوّل فلا سند لهما، مضافاً إلى إجمالهما أو إجمال أحدهما، أي: أنّهما أو أحدهما ليس ظاهراً في فرض الخيريّة في المرتبة السابقة.

(2) لا يخفى أنّ الاطمئنان الذي قد يدّعى فيما سبق لا يمكن دعواه هنا؛ لأنّ