المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

39

المشتركة تكون أصالة الطهارة من علم الاُصول؛ إذ ليست مختصّة بمادّة دون اُخرى، إلاّ في طول ضيق ذاتيّ في نفس الصورة والحكم، وهو الطهارة التي لا تقبل إلاّ التعلّق بالأعيان دون الأفعال. وقد يقال: إنّ مجرّد عدم أخذ التقييد بمادّة مّا لا يكفي في إدخال المسألة في علم الاُصول، بل لابدّ أيضاً من سريان ذلك العنصر في أبواب الفقه، وعدم اختصاصه بباب واحد، وإلاّ أصبح منطق ذلك الباب لا منطق الفقه، وأصالة الطهارة من هذا القبيل لاختصاصها بباب الطهارة.

ولكن يمكن أن يقال: إنّ أصالة الطهارة معناها التعبّد بترتيب آثار الطهارة التي منها جواز الأكل والشرب، ومنها جواز الوضوء والتيمّم، ومنها جواز الصلاة فيه، ومنها جواز بيعه بناءً على اشتراط الطهارة في البيع، ونحو ذلك، فأصبحت سارية في أبواب الفقه، ولكن مع هذا المناسب جعل أصالة الطهارة منطق كتاب الطهارة لا الفقه.

والتحقيق في المقام: أنّ أصالة الطهارة خارجة عن علم الاُصول، لاختصاصها ببعض الموادّ، لا في طول عدم قابليّة الحكم للشمول ذاتاً. وتوضيح ذلك: أنّ الطهارة التي هي حكم وضعيّ إن قلنا بانتزاعها عن الأحكام التكليفيّة، فالطهارة منتزعة عن حلّيّة الأكل والشرب، وجواز الوضوء والصلاة، ونحو ذلك، ومن الواضح أنّ منشأ الانتزاع مختصّ ببعض الموادّ دون بعض لا من باب عدم قابليّته للشمول، فأصالة الطهارة معناها بحسب الروح أصالة حلّيّة خصوص الأكل والشرب، وجواز خصوص الوضوء والصلاة مثلاً، وهذا يعني أنّها ليست من قبيل دلالة الأمر على الوجوب عنصراً مشتركاً، بل تختصّ ببعض الموادّ دون بعض.

وإن قلنا بتأصّلها قلنا: إنّ روح أصالة الطهارة ليست عبارة عن ثبوت ذاك الأمر الواقعيّ المسمّى بالطهارة حقيقة، وإنّما هي عبارة عن التعبّد بآثار تلك الطهارة، وهي حلّيّة الأكل والشرب، وجواز الوضوء والصلاة مثلاً، فالكلام هنا هو الكلام