المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

389

يكون ملاكه عين ملاكات الأحكام الواقعيّة، فيحكم المولى باستحباب الاحتياط من باب مطلوبيّته الطريقيّة لأجل التحفّظ على ملاكات الواقع بمقدار ما يؤدّيه الاستحباب من التحفّظ، بل لو قطع النظر عن مطلوبيّته الطريقيّة وفرضت ملاكات الواقع ضعيفة إلى درجة لا تقتضي أيّ تحفّظ عليها في حال الشكّ لما حكم العقل بحسنه، وإنّما يحكم العقل بحسنه عند ترقّب مطلوبيّته واحتمالها على الأقلّ.

وخلاصة الكلام: أنّه يمكن أن يدّعى في المقام أنّ أخبار الاحتياط تحمل على الاستحباب المولويّ الطريقيّ. أمّا كونه مولويّاً، فلأنّ ظاهر أوامر الشارع هو المولويّة، وحملها على الإرشاد يحتاج إلى قرينة، ولا قرينة في المقام. وأمّا كونه طريقيّاً فتدلّ عليه نفس مادّة الاحتياط التي اُخذ في مفهومها التحفّظ على الواقع.

التعبير الثاني: أنّ جعل الاستحباب للاحتياط لغو؛ إذ يكفي في تحريك العبد نحو الاحتياط احتمال الأمر الواقعيّ؛ لحكم العقل عندئذ بحسن الاحتياط، ومن لم يتحرّك بذلك لا يتحرّك باستحباب الاحتياط أيضاً.

والجواب: أنّ استحباب الاحتياط إمّا يفرض نفسيّاً، وإمّا يفرض طريقيّاً:

فإن فرض نفسيّاً: فلا مجال لإشكال اللغويّة؛ لأنّ الاستحباب النفسيّ للاحتياط يوجب تأكّد المحرّكيّة نحوه؛ لاجتماع ملاكين فيه للمحرّكيّة، أحدهما ملاك الواقع، والآخر ملاك نفس الاحتياط، كما هو الحال في جميع موارد اجتماع ملاكين وأمرين في شيء واحد، فإنّه يحصل التأكّد في الملاك والحكم، وبالتالي يتأكّد حكم العقل بالانبعاث.

وإن فرض طريقيّاً: فأيضاً لا مجال لإشكال اللغويّة، وتوضيحه: أنّ ملاك الأمر بالاحتياط هو عين ملاك الواقع، فتارةً يفرض ملاك الواقع في غاية الأهمّيّة، بحيث لا يرضى المولى بفوته حتّى في حال الشكّ، فيبرز إيجاب الاحتياط، واُخرى يفرض في غاية الضعف، بحيث لا يفرّق في حال المولى بين الاحتياط