المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

388

الاحتياط يكون في طول الأوامر الواقعيّة وبلحاظها، فتستحيل صيرورة حسنه العقليّ منشأً لاستحبابه الشرعيّ.

أقول: إنّ التكلّم في أصل هذا القانون كبرويّاً قد مضى في بحث التجرّي، وأثبتنا هناك بطلانه، وهنا نغضّ النظر عن بطلانه كبرويّاً ونتكلّم في تطبيقه صغرويّاً على ما نحن فيه، فنقول: إنّ تطبيقه على ما نحن فيه غير صحيح لوجهين:

الوجه الأوّل: أنّ الاحتياط الذي يحكم العقل بحسنه إنّما هو الاحتياط بداعي المولى بأن يطلب بالاحتياط إحراز الواقع بقصد القربة وامتثال الأمر الاحتمالىّ، والاحتياط الذي أمر به في الأخبار لم يؤخذ فيه قصد القربة، فإنّ قصد القربة خارج عن مفهوم الاحتياط، وإنّما الاحتياط عبارة عن ملاحظة أطراف الشبهة بالفعل أو الترك والتخلّص عن مخالفته، سواء كان ذلك لله وبداعي إطاعة الأمر الاحتماليّ، أو لشيء آخر، كأمر الوالد أو إعطاء شخص مالاً له بإزاء ذلك، فما أمرت به الأخبار غير ما حكم بحسنه العقل، حيث إنّ الأخبار أمرت بذات الاحتياط، وما حكم العقل بحسنه هو الاحتياط بداعي المولى، حيث إنّ العقل يرى كلّ تقرّب إلى المولى حسناً، فليس المأمور به في الأخبار داخلاً في دائرة القانون الذي نقّحه(قدس سره)في موارد حكم العقل بالحسن والقبح.

الوجه الثاني: أنّ حسن الاحتياط وإن كان ـ على ما نقّحه من القانون ـ يستحيل أن يكون ملاكاً للحكم بالاستحباب، لكن لنا أن ندّعي استحباب الاحتياط لا بمعنى الاستحباب النفسيّ بملاك حسنه، بل بمعنى الاستحباب الطريقيّ(1) الذي



(1) والذي أنكره المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في المقام ـ بناءً على قاعدته ـ إنّما هو الاستحباب الطريقيّ. أمّا فرض الاستحباب النفسيّ فلم يمنع عنه. راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 204، ومصباح الاُصول، ج 2، ص 317.