المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

385

افترسها(1)، وكما ورد في من رمى طائراً فقتل الطائر وشكّ في أنّه هل قُتل بهذه الرمية أو بشيء آخر؟ من أنّه لا يحلّ ذلك الطائر(2). والصحيح أنّ هذه الأخبار وإن كانت موافقة مضموناً للاستصحاب لكنّها مع ذلك ليست شاهدة للقول باستصحاب عدم التذكية؛ إذ لا قرينة فيها على أنّ حكمها بالحرمة يكون بملاك الاستصحاب، فلعلّها حكمت بالحرمة على مستوى الحكم بالحلّيّة في أصالة الحلّ والبراءة وبقطع النظر عن الحالة السابقة(3).

وأمّا ما يخالفه مضموناً ولو بدواً، فكما ورد من سؤال الراوي عن أنّه رمى طائراً ليصطاده، ثمّ شكّ في التسمية، فأجاب(عليه السلام): بأنّه يأكله(4)، فحكمه بالحلّ هنا ينافي استصحاب عدم التذكية، فيمكن الاستيناس بذلك لإنكار استصحاب عدم التذكية.

والتحقيق: أنّ هذا أيضاً ليس شاهداً على خلاف استصحاب عدم التذكية، وذلك لإبداء احتمالين آخرين في المقام:

الأوّل: أن يكون حكمه(عليه السلام) بالحلّ بملاك قاعدة الفراغ، وقد ثبت في محلّه تقدّم قاعدة الفراغ على الاستصحاب.

والثاني: ما يبطل الاحتمال الأوّل أيضاً، وهو أن تكون الحلّيّة المذكورة في هذا الحديث حلّيّة واقعيّة، وتوضيح ذلك: أنّ المنصرف من هذا الحديث أنّ التسمية على فرض كونها متروكة إنّما تركت نسياناً لا عمداً، كما هو مورد قاعدة الفراغ



(1) راجع الوسائل، ج 16، ب 5 من الصيد، ص 215.

(2) راجع الوسائل، ج 16، ب 18 و 19 من الصيد، ص 230 ـ 232.

(3) فلا يمكن مثلاً التعدّي إلى موارد الشكّ في القابليّة.

(4) راجع الوسائل، ج 16، ب 25 من الصيد، ص 237.