المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

383

فإنّ الذكاة بمعنى الذبح هنا لا معنى له حتّى بملاحظة التأويل الذي عرفته في الطائفة السابقة؛ إذ نفس الحيوان أيضاً ليس مذكّىً حتّى تطلق الذكاة على مثل الصوف والبيض بهذا اللحاظ.

ولعلّ المتفاهم عرفاً من الذكاة أيضاً هو الطيب والطهارة لا نفس الذبح. نعم، الذبح مصداق للتذكية وتحصيل للذكاة لا أنّه عين التذكية مفهوماً، والظاهر أنّ تفسير اللغويّين للتذكية بالذبح من باب تفسير المفهوم بالمصداق، لا من باب تفسير المفهوم بالمفهوم(1). والحاصل المستفاد ممّا عرفتها من الأخبار هو أنّ الذكاة عبارة عن أمر بسيط وهو الطيب والطهارة ونحو ذلك من العناوين.

هذا. وفي بعض الأخبار اُطلقت الذكاة على نفس العمليّة، فقيل: التسمية


وج 2، ب 68 من النجاسات، ح 2 و3، ص 1089. وقد اُضيفت في كتاب السيّد الهاشميّ (حفظه الله) على هذه الطوائف طائفة رابعة، وهي ما ورد في الجنين من أنّ ذكاته ذكاة اُمّه، راجع الوسائل، ج 16، ب 18 من الذبائح، ص 270 ـ 271.

(1) هذا الكلام بعيد من ظاهر كلمات اللغويّين جدّاً، فالظاهر منها خلافه. ويشهد لعدم كون الذكاة بمعنى الطيب والطهارة أنّه لم يستعمل في غير الحيوان وتوابعه. وورد في لسان العرب: (أنّ أصل الذكاة في اللغة كلّها إتمام الشيء، فمن ذلك الذكاء في السنّ والفهم، وهو تمام السنّ، قال: وقال الخليل: الذكاء في السنّ أن يأتي على قروحه ـ أي: على خروج نابه ـ سنة وذلك تمام استتمام القوّة).

والظاهر من اللغة أنّ الذكاة نفس العمليّة وهو حجّة، فخصوصيّة الحيوان إمّا شرط شرعيّ للتذكية، وإمّا شرط للطهارة والحلّ، والثاني أظهر. وأمّا استعمال الذكيّ في مثل السنّ والبيض من الميتة فباعتبار أنّ أثر تذكية الحيوان طهارته، وهذه الأشياء هي طاهرة وليس استعمالاً حقيقيّاً.