المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

381

الباب، والأصل في ذلك الآية الشريفة: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾(1). فقد ذكرت الآية عدّة أقسام من الحيوان الميّت، وتفهم من ذلك عرفاً الإشارة إلى جامعها،ثمّ استثنت المذكّى، فالمذكّى صار مستثنىً من الميّت وزاهق الروح لا من ذات الحيوان، وذلك ظاهر عرفاً في أخذ التذكية مضافة إلى زاهق الروح. وهكذا الحال في أخبار الباب، كما ورد(2) في فريسة الكلب والصقر والفهد من أنّه إذا أدركت حياته فهو حلال.

وأمّا أنّ التذكية هل هي أمر بسيط أو عبارة عن نفس الذبح؟ فقد ذهب المحقّق النائينيّ(قدس سره)إلى أنّها عبارة عن نفس العمليّة، ولعلّ هذا القول هو مختار المشهور، ويُستشَهد لهذا القول بتفسير اللغويّين للتذكية بالذبح وبنسبة التذكية إلى الذابح في لسان الروايات(3) الظاهرة في أنّها فعل مباشريّ له، وفي قبال ذلك قال بعض: بأنّ التذكية أمر بسيط مسبّب عن العمليّة، وأمّا الاستشهادان للقول الأوّل فقد ردّ أوّلهما بعدم حجّيّة قول اللغويّ، والثاني بأنّ المسبّب التوليديّ أيضاً ينسب عرفاً إلى الشخص حقيقة وبلا أيّ مؤونة وعناية.

والتحقيق: أنّ التذكية لا هي نفس العمليّة، ولا هي أمر بسيط مسبّب عن العمليّة، بل هي أمر بين الأمرين. وتوضيح ذلك: أنّ التذكية نسبت في جملة من الأخبار إلى الذابح(4)، وهذه الطائفة تناسب كون التذكية عبارة عن نفس الأعمال، كما



(1) سورة 5 المائدة، الآية: 3.

(2) راجع الوسائل، ج 16، ب 19 من الذبائح، ص 272 ـ 273.

(3) كما هو الحال في لسان القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾.

(4) من قبيل الحديث الرابع من ب 1 من الذبائح من المجلّد 16 من الوسائل، ص 253.