المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

377

وانتفاء موضوع الحرمة(1)، فإذا كان موضوع الحرمة الموت حتف الأنف فلا محالةيكون موضوع الحلّيّة نقيض ذلك، فلا يجري إلاّ استصحاب عدم الموت حتف الأنف.

وأمّا أنّه على فرض تعلّقه لا يقع التعارض بين الاستصحابين، فلأنّه إذا فرض موضوع الحرمة وموضوع الحلّيّة متضادّين فكانت الحلّيّة والحرمة مضادّتين بتبع تضادّ موضوعهما، فلا أثر لاستصحاب عدم موضوع الحلّيّة؛ إذ لا يثبت موضوع الحرمة بنفي موضوع الحلّيّة إلاّ بالملازمة، ونفي الحلّيّة لا يثبت الحرمة؛ إذ المفروض كونهما متضادّين، فإثبات إحداهما بنفي الاُخرى تعويل على الأصل المثبت، وإذا لم تثبت بذلك الحرمة فلا أثر لهذا الاستصحاب، فإنّ التنجّيز إنّما يترتّب على الحرمة لا على عدم الحلّيّة، ولذا لو فرض في مورد عدم الحرمة



(1) إن اُريد بالحلّيّة جعل الحلّ فقد يقال: إنّه بالإمكان أن يكون في أحد الضدّين ملاك الحرمة فيحرّم، وفي الضدّ الآخر ملاك الحلّيّة الاقتضائيّة فيحلّل مع افتراض عدم وجود ضدّ ثالث، وصحيح أنّه كان بالإمكان أن يجعل موضوع الحلّ نقيض الضدّ الحرام ولو من باب الحلّيّة اللااقتضائيّة ـ أي: الحلّيّة الناشئة من عدم اقتضاء الحرمة ـ لكن بما أنّ الضدّين لا ثالث لهما ليس مجبوراً على جعل هذا الحلّ، وبإمكانه الاكتفاء بجعل حلّيّة الضدّ الآخر الذي كان فيه اقتضاء الحلّيّة، وهذا لا ينافي ظهور أدلّة الأحكام في تبعيّتها لملاكات متعلّقاتها، فإنّ حلّيّة الضدّ قد افترضنا أنّها كانت بتبع ملاك في المتعلّق يقتضي الحلّ، ولا ينافي أيضاً إطلاق (ما من واقعة إلاّ ولها حكم)، فإنّ هذا لا يدلّ على أنّ العنوانين المتلازمين اللذين لا يمكن أن ينفكّ أحدهما عن الآخر، كعنوان الضدّ مع عنوان نقيض الضدّ الآخر الذي لا ثالث لهما لابدّ أن يكون كلاهما متعلّقين لحكم مجعول، بل يمكن الاكتفاء بجعل الحكم لأحدهما.