المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

373

وأمّا إذا اُخذت الخصوصيّة قيداً، فبالإمكان أن يقال: إنّنا من هذه الناحية لا نحتاج إلى استصحاب العدم الأزليّ؛ لأنّ شأن المقيّد هو أنّه ينحلّ إلى ذات المقيّد والتقيّد مع خروج القيد، فلا نحتاج إلى استصحاب عدم القيد الذي هو عدم أزليّ، بل نتمسّك باستصحاب عدم المقيّد بما هو مقيّد، فإنّ ذات المقيّد وإن وقع بحسب الخارج لكنّ التقيّد والنسبة التقييديّة أمر مشكوك الوجود؛ لأنّ وقوعه فرع تماميّة الطرفين معاً، فمع الشكّ في ذلك يشكّ في حصول التقيّد، فيستصحب عدم المقيّد بما هو مقيّد. وعندئذ إن فرض أنّ موضوع الحلّيّة هو التذكية بما هي مضافة إلى ذات الحيوان جرى الاستصحاب من دون إشكال، وإن فرض أنّ موضوع الحلّيّة هو التذكية بما هي مضافة إلى الحيوان الزاهق الروح، فالاستصحاب يكون استصحاباً للعدم الأزليّ، وحيث إنّنا نقول باستصحاب العدم الأزليّ فلا إشكال عندنا هنا في الاستصحاب.

والتحقيق: أنّ ما ذكرناه من أنّ مجرى الاستصحاب في باب المقيّدات هو المقيّد بما هو مقيّد، لا القيد وإن كان صحيحاً كبرويّاً فيما هو مقيّد حقيقة وواقعاً، بأن لا يرجع أمره إلى التركيب بوجه يأتي بيانه في باب الاستصحاب إن شاء الله، لكنّ الفقهاء في الفقه لا يلتزمون في باب المقيّدات باستصحاب المقيّد أو عدمه بما هو مقيّد،بل يستصحبون القيد وجوداً وعدماً، فمن كان طاهراً ثمّ صلّى مع الشكّ في بقاء الطهارة مثلاً، أجروا فيه استصحاب الطهارة لا استصحاب عدم تحقّق الصلاة المقيّدة بالطهارة، مع أنّ الطهارة ليست جزءاً للصلاة، بل هي شرط وقيد لها، في حين أنّه يتراءى للذهن أنّ إثبات التقيّد أو عدمه باستصحاب القيد، أو عدمه تعويل على الأصل المثبت، فإن صحّ هذا فلا محالة نكشف عن ارتكاز وفهم عرفيّ للدليل، بحيث يخرج المقيّد عن كونه مقيّداً بالمعنى المباين للتركيب ويرجع التقييد بوجه من الوجوه ـ يأتي بيانه في باب الاستصحاب إن شاء الله ـ إلى