المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

372

نعم، توهّم البعض أنّه في خصوص الشبهة الحكميّة المفهوميّة يجري الاستصحاب الموضوعيّ، فإذا تردّد أمر العدالة بين ترك مطلق المعصية، وترك خصوص الكبيرة، أمكن استصحاب عدالة من ارتكب الصغيرة، لكن التحقيق في محلّه هو عدم جريان الاستصحاب في ذلك أيضاً لنفس هذه النكتة، وعليه فلا يجري الاستصحاب فيما نحن فيه حتّى لو كانت الشبهة حكميّة مفهوميّة، كما لو فرض أنّ الخصوصيّة المأخوذة هي الغنميّة، وتردّد مفهومها بين فرض كون كلا أبويه غنماً وكفاية غنميّة أحد الأبوين، فشككنا في قبول هذا الحيوان المتولّد من غنم وغيره للتذكية من هذه الناحية.

وإن كانت الشبهة موضوعيّة، كما لو علمنا أنّ الخصوصيّة المأخوذة هي الأهليّة، وشككنا في أنّ هذا الحيوان المذبوح هل كان غنماً، أو كان من الوحوش مثلاً، باعتبار ظلمة الهواء أو تقطّع هذا الحيوان ونحو ذلك ممّا يوجب الشبهة الموضوعيّة، فإن فرضت التذكية أمراً بسيطاً جرى استصحاب عدم التذكية بنحو استصحاب العدم النعتيّ أو المحموليّ بحسب التفصيل الماضي في الشبهة الحكميّة، وإن فرضت التذكية نفس الأعمال من دون أخذ خصوصيّة للحيوان فيها، فمعنى ذلك عدم الشكّ في التذكية، فيرجع الشكّ في الحلّيّة إلى الفرض الأوّل، وإن فرضت التذكية نفس الأعمال مع فرض أخذ الخصوصيّة فإن أُخذت الخصوصيّة جزءاً جرى استصحاب عدم تلك الخصوصيّة بنحو العدم الأزليّ، وهنا اختلف الحال عن الشبهة الحكميّة، فإنّ الشكّ هناك كان في موضوعيّة الموجود فلم يكن مورداً للاستصحاب، وهنا في وجود الموضوع، فيستصحب عدمه. نعم، إن فرضت الخصوصيّة ذاتيّة، كالغنميّة دون الأهليّة مثلاً، أشكل الاستصحاب من ناحية الإشكال في استصحاب عدم الخصوصيّة الذاتيّة بنحو العدم الأزليّ، فيبتني على القول بصحّة استصحاب العدم المحموليّ حتّى في الذاتيّات.