المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

371

يبتني على القول باستصحاب العدم الأزليّ كما هو الصحيح.

وإن اختير في البحث الأوّل أنّ التذكية عبارة عن نفس العمليّة المركبّة، فإن قلنا: إنّ نفس تلك العمليّة بإطلاقها تذكية، سواء اُجريت على مثل الشاة أو على مثل الحشرات مثلاً، فمعنى ذلك أنّ هذا الحيوان نعلم بتحقّق التذكية عليه، فيرجع شكّنا في أنّ هذا الحيوان هل هو عند الشارع كالحشرات أو كالشاة، إلى الشكّ في أنّه محلّل الأكل أو محرّم الأكل مع القطع بالتذكية، وهذا رجوع إلى الفرض الأوّل الذي مضى الكلام فيه.

وإن قلنا: إنّ التذكية إنّما هي تلك الأعمال المضافة إلى حيوان مخصوص، بأن يفرض أخذ خصوصيّة في الحيوان قيداً للتذكية أو جزءاً لها، فعندئذ لا يجري استصحاب عدم تلك الأعمال المضافة إلى تلك الخصوصيّة في فرض أخذ الخصوصيّة قيداً، ولا استصحاب عدم الخصوصيّة في فرض أخذها جزءاً، فلو ذبحنا الخيل مثلاً، وشككنا في أنّ الخصوصيّة المأخوذة في التذكية هل هي خصوصيّة الغنميّة مثلاً، فالخيل غير قابل للتذكية، أو خصوصيّة الأهليّة مثلاً في قبال الوحشيّة، فالخيل قابل لها، فعندئذ نقول: إنّ واقع الخصوصيّة مردّدة بين ما يقطع بثبوته وما يقطع بانتفائه، فلا مجال للاستصحاب بلحاظ واقع الخصوصيّة، وعنوان الخصوصيّة المنتزعة من حكم الشارع ليس هو الجزء أو القيد حتّى يستصحب عدمه، أو عدم المقيّد به.

وليس هذا بدعاً هنا، بل هذا هو الحال في كلّ شبهة حكميّة، فإنّه لا يجري فيها الاستصحاب الموضوعيّ لنفس هذه النكتة، فلو علم إجمالاً بوجوب إكرام مطلق العالم أو خصوص الفقيه، وكان شخص عالماً بغير علم الفقه ولم يكن فقيهاً، لم يصحّ إجراء استصحاب عدم كونه موضوعاً لوجوب الإكرام؛ لأنّ عنوان الموضوعيّة لا أثر له، وواقع الموضوع مردّد بين ما هو ثابت قطعاً وما هو منتف قطعاً.