المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

370

وإن فرضت التذكية عبارة عن نفس الأعمال الخارجيّة فتارة يفترض أنّ تلك الأعمال تذكية ولو اُجريت على الحشرات أو الإنسان مثلاً، واُخرى يفرض أنّ التذكية هي تلك الأعمال المضافة إلى مثل الشاة.

وهذا التشقيق يأتي أيضاً على فرض كون التذكية أمراً بسيطاً بناءً على كونها أمراً تكوينيّاً. وأمّا بناءً على كونها أمراً تشريعيّاً، فلا نحتمل تشريعها بأزيد ممّا يترتّب عليه الأثر الشرعيّ.

الثاني: أنّ ما هو موضوع الحكم بالحرمة هل هو عدم التذكية بما هو مضاف إلى الحيوان، أو عدم التذكية بما هو مضاف إلى زاهق الروح؟ فعلى الأوّل لابدّ أن يفرض لموضوع الحرمة جزء آخر وهو زهاق الروح؛ لأنّ الحيوان مادام حيّاً لا يكون حراماً من ناحية عدم التذكية، فالموضوع مركّب من جزءين: زهاق الروح وعدم التذكية، وكلاهما مضافان إلى نفس الحيوان، وعلى الثاني لا حاجة إلى جزء جديد، ويكفي الجزء الواحد وهو عدم تذكية زاهق الروح.

وستأتي الإشارة إلى ما هو الصحيح في كلّ من البحثين. والآن نبيّن كيفيّة تأثير هذين البحثين في استصحاب عدم التذكية، فنقول:

إن اختير في البحث الأوّل أنّ التذكية أمر بسيط رجعنا إلى البحث الثاني، فإن كان المختار فيه هو أنّ الموضوع عبارة عن عدم التذكية بما هو مضاف إلى الحيوان فلا إشكال في جريان استصحاب عدم التذكية من دون أن يبتني ذلك على القول باستصحاب العدم الأزليّ، فإنّ موضوع عدم التذكية هو الحيوان، وكان عدم التذكية ثابتاً في هذا الموضوع في حال حياته، وإن كان المختار فيه أنّ الموضوع عبارة عن عدم التذكية بما هو مضاف إلى زاهق الروح فهذا الموضوع ـ وهو زاهق الروح ـ من أوّل وجوده إمّا كان مذكّىً أو غير مذكّىً. وإنّما لم يكن مذكّىً في حال الحياة من باب السالبة بانتفاء الموضوع، فجريان الاستصحاب هنا