المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

369

إلاّ أنّ التحقيق: أنّ هذه الحرمة من أصلها غير ثابتة، فإنّ المستثنى منه في الآية هو الميتة، لا ما يعمّ الحيّ، وكذلك في الروايات إنّما جعلت التذكية شرطاً للحلّيّة بالنسبة للحيوان الميّت لا مطلق الحيوان.

وأمّا الفرض الثاني ـ وهوفرض الشكّ في قبول التذكية وعدمه ـ: فإن كانت الشبهة فيه حكميّة بأن شككنا أنّ هذا الحيوان المعيّن هل يكون حاله شرعاً حال الحشرات، أو حال الشاة مثلاً، فجريان استصحاب عدم التذكية فيه وعدمه يبتني على بحثين فقهيّين:

الأوّل: أنّه ما هي التذكية؟ وفي ذلك احتمالان رئيسان: أحدهما كون التذكية أمراً بسيطاً، والآخر كونها عبارة عن تلك العمليّة الخارجيّة المركبّة، وهذا البحث سنخ البحث في الطهارات الثلاث عن أنّ الطهارة هل هي أمر بسيط، أو نفس الأعمال الخارجيّة المركبّة، ولهذين الاحتمالين شقوق:

فإنّه إن فرضت أمراً بسيطاً فتارة يفرض أنّ النسبة بينه وبين الأعمال الخارجيّة نسبة العنوان إلى المعنون المنطبق عليه، نظير القيام المنطبق عليه عنوان التعظيم، واُخرى يفرض أنّ النسبة بينهما نسبة المسبّب إلى السبب. وعلى الثاني تارة يفرض هذا المسبّب أمراً تكوينيّاً، نظير مسبّبيّة الموت عن الذبح، واُخرى يفرض أمراً تشريعيّاً، نظير مسبّبيّة الملكيّة عن الإيجاب و القبول.

 


خصوص ما يقطع بزواله على تقدير حدوثه، والأمر كذلك في المقام؛ لأنّ دليل حرمة غير المذكّى من قبيل الآية الشريفة إنّما ينظر إلى ما هو محلّل الأكل في ذاته ولا إطلاق له لمحرّم الأكل، فنحن لا نعلم هنا إلاّ بإحدى الحرمتين، فهذا الحيوان إمّا محرّم الأكل في ذاته، ولا دليل عندئذ على حرمة أكله بلحاظ عدم التذكية، أو محلّل الأكل في ذاته، وعندئذ يحرم أكله في حال حياته لعدم التذكية.