المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

365

النقطة الثانية: أنّنا لا نعترف بحكومة الاستصحاب على الأصل بملاك جعل الطريقيّة في الاستصحاب، فإنّنا أوّلاً ننكر جعل الطريقيّة فيه، وثانياً بعد تسليم جعل الطريقيّة فيه نقول: إنّ هذا يدخل تحت كبرى أنّ جعل العلم والطريقيّة في شيء هل يقيمه مقام العلم الموضوعيّ أو لا يقيمه مقام غير العلم الطريقيّ، وهذا بحث مضى أكثر أطرافه في مبحث الأمارات، وتأتي ـ إن شاء الله ـ تطبيقاته في آخر مبحث الاستصحاب.

والتحقيق: عدم قيامه مقام العلم الموضوعيّ، فالعلم وإن جعل موضوعاً لغاية البراءة وأمدها، حيث جعلت البراءة في فرض عدم العلم، ولكنّ هذا لا يوجب رفع اليد عن البراءة بالاستصحاب لفرض جعله علماً.

النقطة الثالثة: أنّه بعد أن أنكرنا حكومة الاستصحاب على البراءة بالملاك الذي يقول به المحقّق النائينيّ(قدس سره)فهل تقع المعارضة بين الأصل والاستصحاب أو لا؟

التحقيق: أنّه لا تقع المعارضة بينهما، بل يقدّم الأصل الموضوعيّ على الحكميّ إن كان أحدهما في رتبة الموضوع والآخر في رتبة الحكم، كما في مثال تقدّم استصحاب عدم التذكية على أصالة البراءة، ومثال تقدّم أصالة طهارة الماء على استصحاب نجاسة الثوب المغسول به، ويقدّم الاستصحاب على البراءة إن كانا في رتبة واحدة؛ وذلك لنكات في دليل الاستصحاب والبراءة توجب هذا التقدّم، كما سيأتي بيان ذلك ـ إن شاء الله ـ في آخر بحث الاستصحاب.

هذا. ونحن نجعل عنوان هذا الشرط فيما نحن فيه هكذا: إنّ العمل بدليل البراءة مشروط ـ كما هو الحال في كلّ دليل ـ بعدم تعارضه مع دليل آخر وتساقطه معه، وبعدم وجود دليل أقوى منه يقدّم عليه بوجه من وجوه الأقوائيّة التي تأتي ـ إن شاء الله ـ في باب التعادل والتراجيح، وممّا يكون أقوى من دليل البراءة دليل الأصل الموضوعيّ ودليل الاستصحاب، كما يأتي في بحث الاستصحاب إن شاء الله.