المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

364

وعلى أ يّة حال فلأجل ما ذكروه هنا غيّروا عنوان الشرط في المقام، وذكروا أنّه يشترط في جريان البراءة عدم وجود استصحاب حاكم عليها، ثمّ دخلوا فيما دخل فيه الشيخ الأعظم(قدس سره) من البحث في الصغرى وهو استصحاب عدم التذكية.

أقول: إنّه لا مجال للبحث هنا تفصيلاً عن نكات الحكومة ووجه تقدّم الاستصحاب على البراءة، وسيأتي الكلام في ذلك ـ إن شاء الله ـ في آخر مبحث الاستصحاب الذي خصّصوه لهذا البحث، فيتكلّم هناك عن وجه تقدّم الأمارة على الاُصول، وتقدّم الاُصول بعضها على بعض، وسنبيّن هناك ـ إن شاء الله ـ أنّ الأصل الموضوعيّ مقدّم على الأصل الحكميّ، والأصل السببيّ مقدّم على الأصل المسبّبيّ، ودليل الاستصحاب مقدّم على دليل البراءة، ونذكر الوجوه في ذلك مفصّلاً إن شاء الله، وإنّما المقصود هنا الإشارة إلى نقاط الخلاف بيننا وبين المشهور بحيث تتّضح لك تلك النقاط ولو تصوّراً.

فنقول: إنّنا نخالف المشهور في المقام في نقاط ثلاث:

النقطة الاُولى: أنّنا نعترف بحكومة الأصل الموضوعيّ على الأصل الحكميّ بما هو أصل موضوعيّ ـ أي: جار في رتبة الموضوع ـ فإنّ كونه كذلك يوجب بحسب نظر العرف تقدّمه في لسان أدلّة الاُصول على الأصل الحكميّ بحسب ما يأتي بيانه إن شاء الله في آخر الاستصحاب. ومدرسة المحقّق النائينيّ(قدس سره) تعترف فقهيّاً بأنّه إذا غسل مثلاً ثوب متنجّس بماء محكوم بالطهارة بالأصل لا بالاستصحاب ـ لعدم جريان الاستصحاب فيه لتوارد الحالتين مثلاً ـ قدّمت أصالة الطهارة في الماء على استصحاب النجاسة في الثوب، فهنا تقع المدرسة في ضيق من تفسير الموقف؛ لأنّ الأصل الموضوعيّ في المقام ليس أصلاً محرزاً بحسب تعبيرها، بل أصبح الأصل غير المحرز حاكماً على الأصل المحرز. وأمّا نحن فنفسّر ذلك بالحكومة، بنكتة كون الأصل في رتبة الموضوع، والاستصحاب في رتبة الحكم.