المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

32

 

الفرق بين الاُصول العقليّة وغيرها

المقدّمة الخامسة: أنّ الفارق الجوهريّ الذي ذكرناه بين الأصل والأمارة إنّما كان نظرنا فيه إلى الاُصول الشرعيّة، فإنّها هي التي تكون كالأمارة نتيجة لإعمال قوانين باب التزاحم وتفترق عنها في كيفيّة إعمالها، وأمّا الاُصول العقليّة فليست نتيجةً لإعمال قوانين باب التزاحم، وترجيح بعض الأغراض على بعض، فإنّ هذا وظيفة المولى لا وظيفة العقل، والعقل ليس من شأنه التشريع، وإنّما مرجعها إلى دائرة حقّ الطاعة سعةً وضيقاً، وهذا فرق جوهريّ بين الاُصول العقليّة من ناحية، والأمارات والاُصول الشرعيّة من ناحية اُخرى، فالاُولى مردّها إلى دائرة حقّ الطاعة، والثانية مردّها إلى تشريعات مولويّة على أساس إعمال قوانين باب التزاحم في دائرة الحفظ والمحرّكيّة. وهذا الفرق يستوجب تقديم الأمارات والاُصول الشرعيّة ذاتاً على الاُصول العقليّة وورودها عليها، لكون حكم العقل في ذلك معلّقاً على عدم مجيء تقرير آخر من قِبل الشارع، فمجيء ذلك من قِبله يرفع تكويناً موضوع حكم العقل.

 

الاُصول التنزيليّة

المقدّمة السادسة: أنّ الأصحاب قسّموا الاُصول العمليّة الشرعيّة إلى الاُصول التنزيليّة وغير التنزيليّة، وفرّقوا بينهما بعبارات مختلفة. وحاصل ما أفاده المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من الفرق بينهما هو: أنّ الاُصول التنزيليّة لوحظ فيها الواقع كما هو الحال في الأمارة لكن لا بلحاظ الحكاية عن الواقع الخارجيّ، بل بلحاظ البناء العمليّ والجري على طبقه، حيث إنّ للعلم شؤوناً أربعة:

1 ـ الكيفيّة النفسانيّة.

2 ـ حكايته عن الواقع الخارجيّ.

3 ـ اقتضاؤه للبناء العمليّ على طبقه، فالعطشان إذا علم بوجود ماء في مكان