المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

31

والأصل، ولو فرض تماميّة ذلك في دليل الأمارة والأصل فإنّما هو على سبيل الصدفة والاتّفاق، لا أنّ أماريّة الأمارة تكون بعدم أخذ الشكّ في موضوعها، وأصليّة الأصل تكون بأخذ الشكّ في موضوعهِ، فلو فرض أنّ شخصاً لم يثبت حجّيّة خبر الواحد إلاّ بقوله تعالى: ﴿فَاسْأَ لُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون﴾ لم ينقلب على هذا الأساس من الأمارة إلى الأصل. نعم هذه الخصوصيّات الاتفاقيّة في لسان الدليل قد تنفع في مقام تقديم أحد الدليلين على الآخر، فلو بُني مثلاً على أنّ دليل الأمارة ودليل الاستصحاب كلاهما متكفّلان لجعل الطريقيّة، لكنّ الأوّل لم يؤخذ في موضوعه الشكّ، والثاني اُخذ فيه الشكّ، فقد ينفع ذلك في تقديم الأوّل على الثاني.

 

4 ـ حكومة الأمارات على الاُصول:

الفرق الرابع: ما حقّقوه من حكومة الأمارات على الاُصول؛ لأنّ الأصل اُخذ في موضوعه الشكّ، والأمارة ترفع موضوعه لكونها علماً بالتعبّد.

والصحيح: أنّ الأمارة بما هي أمارة ليست حاكمة على الأصل بما هو أصل، وإنّما الحكومة ترتبط بلسان جعل الحجّيّة، فقد يقدّم أحد اللسانين على الآخر لسوقه مساق رفع موضوع الآخر، وقد لا تكون أمارة مّا حاكمة على أصل مّا، كما لو بيّنت الأمارة بغير اللسان المناسب للحكومة كجعل الطريقيّة وإلغاء احتمال الخلاف، ومع ذلك تكون هذه أمارة وذاك أصلاً، وهذه مثبتاتها حجّة بخلاف ذاك.

والخلاصة: أنّ هناك فروقاً بعضها مربوط بجوهر أماريّة الأمارة وأصليّة الأصل، واُضيف اشتباهاً إلى سنخ اللسان، حيث تخيّل أنّ الفارق اللسانيّ هو الفارق الجوهريّ، وذلك كالأوّلين، وبعضها مربوط باللسان، واُضيف إلى الجوهر بتخيّل أنّ اللسان والجوهر شيء واحد كالأخيرين.