المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

30

 

3 ـ أخذ الشكّ في موضوع الحجّيّة:

الفرق الثالث: ما ذكر من أنّ الأصل يؤخذ في موضوع حجّيّته الشكّ، بخلاف الأمارة. وهذا إن اُريد به أنّ حجّيّة الأمارة لا يؤخذ في موضوعها الشكّ بحسب عالم الجعل فهذا غير معقول؛ لأنّ فرض عدم أخذ الشكّ في موضوعها هو فرض إطلاقها وشمولها لفرض العلم بخطئها، وهذا محال، فلابدّ أن يكون نظرهم في التفرقة إلى أنّه في دليل الأمارة لم يؤخذ الشكّ، وفي دليل الأصل اُخذ الشكّ. وهذا المطلب إن أردنا أن نعبّر عنه بعبارة واضحة قلنا: إنّ الشكّ اُخذ بنحو القرينة المتّصلة في دليل الأصل، واُخذ بنحو المخصّص اللبّيّ في دليل الأمارة بلحاظ حكم العقل باستحالة شمول الحجّيّة لفرض العلم بالخطأ.

وأنت ترى أنّ مثل هذا مربوط بلسانين لدليل الحجّيّة، وليس مربوطاً بالأمارة


حساب تزاحم أغراضه في الحفظ في نظره لا في نظرنا، فقد تكون الأمارة المفيدة للشكّ نوعاً عندنا أقرب إلى الصدق منها إلى الكذب عند المولى لغلبة صدقها على كذبها في علم المولى.

ولكنّ الواقع: أنّ ما في المتن يتمّ حتّى على إلحاق الترجيح الكمّيّ للصدق بقوّة الاحتمال؛ وذلك لأنّ المولى لو أخبرنا بأنّ هذه الأمارة صدقها غالب في علمه على كذبها، إذن تصبح مورثة للظنّ لنا لا الشكّ، وإلاّ فهذه الحجّيّة لا تفيد فائدة الأمارة؛ لأنّنا لا نعلم أنّ حجّيّتها كانت على أساس الترجيح الكمّيّ كي نتعدّى إلى اللوازم، فالمقصود من الترجيح بقوّة الاحتمال وبالكمّ في الصدق الذي جعلناه مقياساً لأماريّة الأمارة، إنّما هو الترجيح المفهوم لنا لا الترجيح المفهوم عند المولى المخفيّ علينا.