المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

29

 

2 ـ الأماريّة عند الشكّ:

الفرق الثاني: ما يقال من أنّه في فرض الشكّ لا يتصوّر جعل الحجّيّة الأماريّة، كما صرّح بذلك الشيخ الأعظم(قدس سره)(1). وصرّح به أيضاً المحقّق النائينيّ(رحمه الله)(2). وفلسفه أيضاً على طريقته بأنّ الشكّ نسبته إلى الطرفين على حدّ سواء، فكيف يفرض جعله كاشفاً وعلماً بالنسبة لأحد الطرفين دون الآخر؟

وأورد عليه المحقّق العراقيّ والسيّد الاُستاذ: بأنّه لا موجب لاشتراط إفادة الأمارة للظنّ؛ لأنّ الملحوظ في باب الأمارات هو الطريقيّة الاعتباريّة، واعتبار العلم أمر سهل المؤونة.

لكنّ الصحيح: أنّ هذا الفرق إنّما يرتبط بالفارق الجوهريّ بين الأمارة والأصل، حيث إنّه في الأمارة قد فرض الترجيح بواسطة الاحتمال، وإذا كانت نسبة الكاشفيّة إلى الطرفين على حدّ سواء لم يعقل هذا الترجيح، وهذا بخلاف الأصل الذي يكون الترجيح فيه بلحاظ المحتمل(3).



(1) راجع الرسائل، أوّل مبحث الشكّ، ص 190 بحسب الطبعة المحشّاة بتعليقة (رحمت الله).

(2) راجع فوائد الاُصول، ج 3، ص 7 و 100، وج 4، ص 224.

(3) قد يقال: إنّ هذا الكلام يتوقّف على فرض كون الحجّيّة للأمارة على أساس قوّة الاحتمال بالمعنى المقابل للترجيح الكمّيّ للصدق على الكذب. أمّا على ما اخترناه من إلحاق الترجيح الكمّيّ للصدق على الكذب بقوّة الاحتمال، وإمكان جعله ملاكاً في حجّيّة الأمارة، فهذا يتصوّر في فرض الشكّ أيضاً؛ وذلك لأنّ المعتبر في الترجيح الكمّيّ إنّما هو الترجيح الكمّيّ عند المولى لا الترجيح الكمّيّ عند العبد؛ لأنّ المولى يلحظ