المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

27

المجعول في عالم إنشاء الحكم. وقد بيّنّا أنّ الفرق الواقعيّ إنّما هو في طريقة إعمال قوانين باب التزاحم، وأنّ ألسنة الحكم لا تجعل شيئاً أمارة أو أصلاً، غاية الأمر أنّ اللسان قد يختلف بحسب المناسبة نتيجة لما عرفته من الفرق الواقعيّ الثبوتيّ، ومن الممكن أن لا يختلف. وأعلى مراتب هذا الاتّجاه السائد تحقّق على يد المحقّق النائينيّ(قدس سره)ومدرسته، فذكر: أنّ الفرق بين الأمارات والاُصول هو أنّ المجعول في باب الأمارات هو الطريقيّة والعلم والكاشفيّة، وفي باب الاُصول هو الجري العمليّ والبناء العمليّ، فجعل هذه الألسنة روح الفرق، بينما هي مجرّد ألسنة.

وهذا الخلط بين مقام الثبوت والإثبات ترتّبت عليه عدّة مطالب في الاُصول، فجعل بعض الأشياء المترتّبة على الفرق الثبوتيّ آثاراً للفرق الإثباتيّ، مع أنّها في الواقع آثار للفرق الثبوتيّ، وبعض الأشياء التي هي آثار لصياغتين للسان دليل الحجّيّة فرض آثاراً للأمارة والأصل بما هما أمارة وأصل. وفيما يلي نذكر نموذجاً من الفوارق التي ذكروها بين الأمارات والاُصول بالشكل المشتمل على ما ذكرناه من الخلط:

 

1 ـ حول المثبتات:

الفرق الأوّل: ما استقرّ عليه بناء الفقهاء في العصر الثالث منذ عصر الشيخ الأعظم(قدس سره)وقُبيله إلى أيّام المحقّق النائينيّ(رحمه الله)من أنّ مثبتات الأمارات حجّة، ومثبتات الاُصول ليست بحجّة، فجُعِل هذا الفرق في كلام من فلسف ذلك من لوازم فرق بين الأمارة والأصل لا يعدو في واقعه أن يكون من الفوارق الصياغيّة والشكليّة، وأوصل المحقّق النائينيّ(رحمه الله) هذا الاتّجاه إلى آخره، وبرهن على ذلك: بأنّ أماريّة الأمارة تكون بكون المجعول فيها هو العلم، ومن الواضح أنّ العلم بشيء يستلزم العلم بلوازمه. وأمّا في باب الأصل فالمجعول هو الجري العمليّ،