المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

257

اُلبّي، قال: «فأخرجه من رأسك، فإنّه ليس عليك بدنة، وليس عليك الحجّ من قابل، أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه، طف بالبيت سبعاً، وصلّ ركعتين عند مقام إبراهيم(عليه السلام)، واسع بين الصفا والمروة، وقصّر من شعرك، فإذا كان يوم التروية فاغتسل، وأهلّ بالحجّ، واصنع كما يصنع الناس»(1).

وهذا الحديث من حيث السند معتبر. وأمّا من حيث الدلالة، فلو كنّا نحن والجملة المقصودة فحسب، أعني: قوله: «أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه» لكانت دلالتها على البراءة المساوقة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان تامّة، وتقريب ذلك يتأ لّف من عدّة مقدّمات:

الاُولى: أنّ الجهالة في الحديث كما تشمل فرض الغفلة عن الحرمة نهائيّاً كذلك تشمل بإطلاقها فرض الشكّ في الحرمة والتردّد فيها، والثاني هو مصبّ بحثنا في المقام، إذن فالحديث يشمل مصبّ البحث بالإطلاق.

الثانية: أنّ المقصود بقوله: «فلا شيء عليه» ليس هو عدم ثبوت شيء عليه في مقام الوظيفة العمليّة؛ إذ قد فرض ركوب الأمر بجهالة، فهو ينظر إلى المرحلة المتأخّرة عن العمل وهي التبعة، فالحديث يدلّ على نفي التبعة ويشمل بإطلاقه التبعة الدنيويّة، كالكفارة والإعادة، والتبعة الاُخرويّة من العقاب الذي هو المقصود نفيه في بحثنا.

الثالثة: أنّ المستفاد من قوله: «ركب أمراً بجهالة» هو فرض كون الجهالة سبباً لركوب الأمر؛ وذلك لمكان باء السببيّة، وسببيّة الجهالة التصديقيّة ـ أعني: الشكّ والتردّد لركوب الأمر ـ تكون لأحد وجهين:

الأوّل: مركوزيّة قاعدة قبح العقاب بلا بيان في الأذهان ولو بلحاظ الموالي العرفيّة.



(1) الوسائل، ج 9، ب 45 من تروك الإحرام، ح 3، ص 126.