المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

255

الحديث الثالث: ما في توحيد الصدوق، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمّد الإصبهانيّ، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن حفص بن غياث النخعيّ القاضي قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): «مَن عمل بما علم كُفي ما لم يعلم»(1).

وهذه الرواية أحسن الروايات دلالة، فمن لم يعلم بحرمة شرب التتن مثلاً، ولا بوجوب الاحتياط، واجتنب باقي المحرمات المعلومة له كُفي من ناحية حرمة شرب التتن، بخلاف ما لو وصله وجوب الاحتياط ومع ذلك ارتكبه، فإنّه عندئذ لم يعمل بما علم؛ إذ من جملة ما علمه هو وجوب الاحتياط ولم يعمل به.

والظاهر من الحديث أنّ المقصود هو أنّ الله ـ تعالى ـ يكتفي من عبده بالعمل بما علمه، وأنّه لا تبعة عليه من ناحية ما لا يعلمه، لا بيان أنّ كفاية ما لم يعلم متفرّعة على العمل بما علم، بحيث لو أتى ببعض المحرمّات لم يُكفَ المحرّم الآخر الذي لا يعلمه ولا يعلم إيجاب الاحتياط بشأنه.

 


نعم، في الكتب الفقهيّة المتأخّرة تعارف توثيق وتضعيف الأسانيد بالحدس والاستنباط من دون تعرّض في كثير من الأحيان إلى مدارك هذا الحدس والاستنباط، فيقال مثلاً: صحيحة فلان، أو موثّقة فلان، أو رواية فلان من دون ذكر نكتة الصحّة والوثوق والضعف، ولكن كُتُب المتأخّرين خارجة أساساً من هذا البحث؛ لعدم احتمال الحسّ عادةً في شهادتهم على الوثاقة.

(1) وقد رواها المجلسيّ(رحمه الله) في البحار، ج 2 بحسب الطبعة الجديدة باب ما يمكن أن يستنبط من الآيات والأخبار من متفرّقات مسائل اُصول الفقه، ح 49، ص 280 و 281 نقلاً عن كتاب التوحيد.