المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

254


الشهادة على الوثاقة؛ لأنّ الكتب الفقهيّة مبنيّة على استنباط الفتاوى واستخراجها بالحدس والاجتهاد، ومن الواضح أنّ الاجتهاد كما قد يعمل في تشخيص دلالة الحديث مثلاً على المدّعى، أو في كيفيّة الجمع والتعادل والترجيح ونحو ذلك، كذلك قد يعمل في تشخيص صحّة السند ووثاقة الراوي وعدم وثاقته، فكلّ هذا دخيل في الفتوى المستنبطة.

أقول: إن قصد بالنقاش في المقام هذا المعنى ورد عليه:

أوّلاً: أنّ شهادة الشيخ المفيد بوثاقة هذا الرجل وإن لم ترد في كتاب رجالي، ولكنّها لم ترد أيضاً في كتاب فقهيّ مبنيّ على الاستنباط والاجتهاد، وإنّما وردت في رسالته العدديّة، وقد عرفت أنّه لا خصوصيّة للكتب الرجاليّة في جريان أصالة الحسّ، وإن كانت خصوصيّة في المقام، فإنّما هي خصوصيّة للكتب الفقهيّة تمنع عن الأخذ بأصالة الحسّ فيما ورد فيها من الشهادة بالوثاقة، والرسالة العدديّة ليست كتاباً من هذا القبيل.

وثانياً: أنّ هذا النقاش غير صحيح حتّى بالنسبة للكتب الفقهيّة؛ وذلك لأنّ الفتوى وإن كانت قائمة على الحدس والاستنباط وقد يكون أحد مناشئ الحدس والاستنباط فيه إثبات وثاقة الراوي بالحدس، ولكن إذا صرّح بالإخبار بالوثاقة من دون تصريح بكون ذلك حدسيّاً كما يصرّح بالاستنباط الدلاليّ والعلاجيّ مثلاً، فهذا الإخبار ظاهره ـ لا محالة ـ هو الحسّ، وإذا كان الكتاب كتاب فتوىً فقط من دون ذكر الاستنباطات، فالقرينة الارتكازيّة على حدسيّة الفتوى واضحة، ولكن لو صرّح صدفةً في الأثناء بوثاقة راو من رواة الحديث الذي قام إفتاؤه على أساسه لا نكتة في إبطال ظهور هذا التصريح في الحسّ.