المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

253


والأحكام... يحتمل في شهادة طبقة من المتأخّرين أيضاً بشأنهم كونها شهادة قرينة من الحسّ كما هو الحال في شهادة المتقدّمين؛ إذ كلّما عظم مقام شخص مّا في المجتمع واشتهر وذاع أكثر كانت المدّة التي يمكن للآخرين فيها الشهادة القريبة من الحسّ بشأنه أطول.

ولكنّك ترى أنّ هذا الإشكال بشأن شهادة الشيخ المفيد بالوثاقة غير صحيح في نفسه حتّى في غير مثل المورد، فإنّ الشيخ المفيد ليس من المتأخّرين بل هو أقدم من الشيخ الطوسيّ والنجاشيّ اللذين يعتمد على شهادتهما بوثاقة الرواة، وقد كانت حياته في أوائل عصر الغيبة الكبرى.

وإن قصد بالمناقشة أنّ الشهادة بالوثاقة إذا كانت في الكتب الرجاليّة تحمل على الحسّ، وأمّا إذا كانت في كتب اُخرى فلا، لعدم ظهور لها في الحسّ في تلك الكتب الاُخرى، وأصالة الحسّ إنّما تتّبع كشعبة من أصالة الظهور وليست أصلاً عقلائيّاً مستقلاًّ برأسه؛ لأنّ الاُصول العقلائيّة ليست تعبّديّة، وإنّما هي قائمة على أساس الكشف، فيكون الجواب في خصوص المورد: أنّ هذه الشهادة المفصّلة من الشيخ المفيد لا يحتمل فيها غير الحسّ، ولكن هنا أيضاً يكون أصل النقاش الكبروي في غير محلّه؛ وذلك لأنّه إن قصد به أنّ للكتب الرجاليّة خصوصيّة توجب ظهور الشهادة على الوثاقة فيها في الحسّ؛ لأنّ أصحاب كتب الرجال كانوا بهذا الصدد، وهذا بخلاف غيرها من الكتب، فمن الواضح أنّه لا خصوصيّة في الكتب الرجاليّة بهذا الشأن، وإنّما تنشأ أصالة الحسّ من ظهور خبر المخبر بشكل عامّ في إرادة الشهادة الحسّيّة من دون فرق بين كتب الرجال وغيرها.

وإن قصد به أنّ للكتب الفقهيّة خصوصيّة تمنع عن انعقاد الظهور في إرادة الحسّ في