المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

251

علمه بحرمة شرب التتن مثلاً مستبطناً ارتكازاً لعدم اجتنابه لشرب التتن، وقد فرضنا في المقام أنّ عدم معرفته للشيء قد كنّي به عن عدم ترتيبه للأثر، وهذه الكناية إنّما تصحّ فيما إذا لم يعرف حرمة شرب التتن ولم يصله وجوب الاحتياط؛ إذ لو وصله وجوب الاحتياط لم يصحّ عرفاً القول بأنّه (لم يعرف فلم يعمل).

والظاهر من الحديث هو الاحتمال الثاني، فإنّ كلمة (على) في قوله: (هل عليه شيء) ظاهرة في المقام في إرادة معنى التبعة والمسؤوليّة دون السؤال عن مرحلة العمل(1).

هذا. وفرض شمول الشيء المنفيّ معرفته في الحديث لحكم العقل بأصالة الاحتياط أيضاً خلاف الظاهر، فإنّ هذا السؤال الموجّه إلى الإمام المبيّن للحلال والحرام ظاهره عرفاً هو السؤال عمّن لم يعرف شيئاً من الأحكام دون من لم يعرف ما يحكم به العقل في المقام.

وهذا الحديث أيضاً لا يشمل الشبهة الموضوعيّة(2) ولا الخصوصيّة في أطراف



(1) هذا ما أفاده في البحث. أمّا ما أفاده في خارج البحث في يوم آخر كشاهد على المعنى الثاني فهو تنكير كلمة (شيء) في قوله: (هل عليه شيء)، فإنّه يناسب فرض تصوّر أشياء عديدة في المقام لا تصوّر شيء واحد فقط، ولا يتصوّر في مقام الوظيفة العمليّة أن يكون عليه شيء إلاّ شيء واحد وهو الاحتياط. أمّا التبعة فتتصوّر فيها اُمور كثيرة، كالكفّارة، والإعادة، والتوبة، والعقاب ونحو ذلك.

(2) لأنّ الظاهر من هذا السؤال الموجّه إلى الإمام المبيّن للحلال والحرام هو السؤال عمّن لم يعرف شيئاً من الأحكام الفقهيّة الكلّيّة، خصوصاً إذا حمل قوله: (لم يعرف شيئاً) على الإطلاق الاستغراقيّ، فإنّ عدم المعرفة بنحو الاستغراق لا يتصوّر إلاّ إذا لوحظ الجهل بالأحكام الفقهيّة. أمّا من يعلمها فلا يتصوّر بشأنه الجهل المطلق بنحو الاستغراق بالأحكام الجزئيّة بلحاظ عدم معرفة الموضوعات.