المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

25

الأمارات الترخيصيّة:

ثمّ إنّ موارد الأمارات الترخيصيّة يكون المرجّح الاحتماليّ والمحتمليّ كلاهما ثابتاً فيها، وليس الثابتُ خصوص المرجّح الاحتماليّ الذي أوجب أماريّة الأمارة. والدليل على ذلك اُمور:

أوّلاً: أنّنا لا نحتمل الفرق بين موارد الأخبار المرخّصة وموارد الشبهات التي


واستظهار اُستاذنا الشهيد من مثل قوله: «فاسمع له وأطعه، فإنّه الثقة المأمون» كون موضوع الحجّيّة هو قوّة الاحتمال شاهدٌ ثالث على حمل كلامه على المعنى الصحيح، فإنّ هذا الاستظهار إنّما يتمّ بناءً على إلحاق قوّة المحتمل من ناحية غلبة الصدق بقوّة الاحتمال. أمّا لو جعلت قوّة الاحتمال أمراً في مقابل أكثريّة الأخبار الصادقة من الكاذبة، فهذه العبارة وأمثالها لا تعيّن الاُولى في مقابل الثانية؛ إذ لو كان المقصود أنّ الوثوق أو الأمانة باعتباره سبباً واضحاً في نظر العقلاء لقوّة الاحتمال يكون أخذه في الموضوع دالّاً عرفاً على أنّ المقياس هو قوّة الاحتمال. قلنا: إنّ الوثوق أو الأمانة سببٌ واضحٌ أيضاً لغلبة الصدق في الخبر من حيث الكمّ على الكذب.

ولو كان المقصود: أنّ هذا الحديث يشمل بإطلاقه فرض انحصار خبر الثقة بخبر واحد مثلاً، وفي هذا الفرض ليس الوثوق إلاّ سبباً لقوّة الاحتمال لا للترجيح الكمّيّ بغلبة الصدق. قلنا: لو سلّمنا تماميّة الإطلاق بالنسبة لفروض خياليّة من هذا القبيل بعيدة عن طبيعة وضع العالم من دون وجود ارتكاز خاصّ يتمّم الإطلاق لقلنا في خصوص المقام: إنّ الإطلاق غير تامّ؛ لأنّ احتمال كون الوثوق أو الأمانة إشارة إلى ما يستلزمه في الوضع الحقيقيّ الخارجيّ من الترجيح الكمّيّ بغلبة الصدق يكون صالحاً للقرينيّة على عدم هذا الإطلاق.