المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

248

الماضي، بل الظاهر أنّ الترتيب هنا يكون بلحاظ البدء بذكر تسهيل عامّ، وهو عدم الاحتجاج بما لم يعرّفهم، وعقّب ذلك بذكر تسهيلات اُخرى خاصّة، كالتسهيل بلحاظ النوم عن الصلاة، والتسهيل بلحاظ المرض الذي يضرّ معه الصوم، فبنكتة كون ذلك تسهيلاً جزئيّاً وما قبله تسهيلاً عامّاً عطف الثاني على الأوّل بـ «ثمّ»، فكأنّ الثاني متأخّر في المرتبة والأهمّيّة من الأوّل(1).

ثمّ إنّ هذا الحديث ينقص مفاده عن نتيجة قبح العقاب بلا بيان في أمرين:

أحدهما: عدم شموله للشبهة الموضوعيّة.

والثاني: أنّه بناءً على قبح العقاب بلا بيان يكون العلم الإجماليّ منجّزاً للجامع فحسب مع بقاء الخصوصيّة تحت الأمن، ولكن هذا الحديث لا يدلّ عرفاً على



(1) قد يحمل الحديث على معنىً يحتفظ فيه على ظهور «ثمّ» في الترتيب الزمانيّ، وهو أن يقال: إنّ قوله: «ثمّ أرسل إليهم رسولاً..» ليس عطفاً على قوله: «يحتجّ على العباد»، بل عطف على النتيجة المفهومة من قوله: «آتاهم وعرّفهم»، أي: ليس عطفاً على «آتاهم وعرّفهم» بما هو صلة الموصول، ولكنّه عطف على مجرّد معنى «آتاهم وعرّفهم»، فيدلّ على أنّ إرسال الرسل كان بعد الإيتاء والتعريف، وهذا يعني أنّ المقصود بالإيتاء والتعريف هو الإيتاء والتعريف العقليّان بلحاظ التوحيد مثلاً ومولويّة المولى، وعليه فالحديث بسنده الثاني يكون أجنبيّاً عمّا نحن فيه. وأمّا الحديث بسنده الأوّل فإن جزمنا بوحدته مع الحديث الثاني وأنّ المقصود بابن الطيّار فيه هو حمزة فقد خرج أيضاً عن محلّ البحث، وإن احتملنا أنّ ابن الطيّار فيه هو محمّد وهو أبو حمزة، أو احتملنا تعدّد الرواية رغم وحدة الراوي فأيضاً يمكن أن يقال: إنّ الحديث الثاني مفسّر للحديث الأوّل وناظر إليه؛ لما ورد فيه من قوله: «إنّ من قولنا: إنّ إلله يحتجّ على العباد...»، أي: أنّ هذا الكلام الذي يصدر منّا أحياناً المقصود به هذا المعنى المفهوم من هذا الشرح، فيصبح الحديث أيضاً أجنبيّاً عن المقام.