المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

247

يسعون له، وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم» ثمّ تلا(عليه السلام): ﴿ليْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَج﴾ فوضع عنهم ﴿مَا عَلَى الُْمحْسِنِينَ مِن سَبِيل وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ﴾قال: «فوضع عنهم لأنّهم لا يجدون»(1).

وتقريب الاستدلال بالجملة المقصودة وهي قوله: «إنّ الله يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم» أنّ ظاهره هو أنّ ميزان الاحتجاج هو الإيتاء والتعريف، ولو احتجّ وعاقب من دون إيصال التكليف، ولا إيصال إيجاب الاحتياط، لكان احتجاجاً من دون إيتاء وتعريف. أمّا لو احتجّ بإيصال إيجاب الاحتياط فهو احتجاج بميزان الإيتاء والتعريف، وإن لم يوصل التكليف فإنّ ما به الاحتجاج واصل وإن لن يصل ما بلحاظه الاحتياط، ودعوى شمول الإيتاء والتعريف في المقام ـ لحكم العقل بأصالة الاحتياط ـ خلاف المتفاهم العرفيّ. هذا إذا لاحظنا هذه الجملة منفردة.

وأمّا إذا لاحظناها ضمن الكلام المفصّل الوارد في سندها الثاني فقد يشكل في المقام الاستدلال بها؛ إذ يقال: إنّه(عليه السلام) عقّب هذه الجملة بقوله: «ثمّ أرسل إليهم رسولاً...»، وظاهر ذلك أنّ قانون عدم المؤاخذة بلا بيان هو قانون ما قبل إرسال الرسل، ونحن نريد تقرير براءة شرعيّة بعد إرسال الرسل لدفع ما يحتمل صدور بيانه من قِبل المولى، دون ما لا يحتمل بيانه لعدم إرسال الرسل مثلاً، فيكون الحديث أجنبيّاً عمّا نحن فيه.

إلاّ أنّ الإنصاف أنّ احتمال كون المقصود الترتيب الزمانيّ خلاف الظاهر، لما وقع في هذه العبارة من ذكر المرتّب عليه بصيغة المضارع والمرتّب بصيغة



(1) اُصول الكافي، ج 1، باب حجج الله على خلقه، ح 4، ص 164 و 165.