المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

243

أقول: من المعلوم أنّ هذه الأخبار لا تدلّ على مقصوده، وأيّ علاقة لقوله: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) بذلك؟! سواء قلنا: إنّ المقصود الإتيان بالأفراد المقدورة أو قلنا: إنّ المقصود الإتيان بالأجزاء المقدورة، وبأيّ نحو فسّرنا هذا الحديث فهو أجنبيّ عمّا نحن فيه، والنهي عن كثرة السؤال لعلّه كان باعتبار أنّ الأغراض المولويّة ما لم تحرّك المولى نحو البيان لا يجب امتثالها، ولا يجب السؤال عنها، وإذا سُئل عنها فقد يكون نفس السؤال موجباً لتتميم ملاك البيان فيبيّن، فيجب عليهم الامتثال، فيتورّطون في المعصية مثلاً، لعدم تعوّدهم بعدُ على الطاعة وعدم انصهارهم بعدُ في الإسلام، فنهاهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن السؤال ولو إرشاداً إلى عدم وجوب السؤال حتّى لا يأتي البيان ويضيق الأمر عليهم.

وكان الأولى أن يستدلّ بحديث: (اسكتوا عمّا سكت الله عنه). وإن كان يرد عليه ـ لو كان قد استدلّ بهذا ـ: أنّ السكوت عنوان ثبوتيّ منتزع لا يثبت باستصحاب عدم الإلزام.

وعلى أيّة حال، فلا داعي لنا للدخول في تفاصيل الكلام هنا؛ إذ أصل هذا البحث مبنيّ على فرض الإباحة أمراً وجوديّاً، لكنّها ليست إلاّ عبارة عن عدم الإلزام، غاية الأمر أنّ عدم الإلزام تارةً يبيّن بإنشاء مستقلّ، واُخرى يبيّن بعدم بيان الإلزام، ولا معنى لفرض استصحاب عدم الإلزام معارضاً لاستصحاب عدم الإباحة.

 

ج ـ بلحاظ ما قبل الشرائط الخاصّة:

الوجه الثالث: استصحاب عدم التكليف الثابت قبل تحقّق الأمر الخاصّ الذي يحتمل تحقّق التكليف به، كأن يستصحب بعد زوال الجمعة عدم وجوب صلاة الجمعة الثابت قبل الزوال.