المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

242

ويرد عليه: أنّ هذا لا يتمّ على مبناه من قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعيّ، فالحكم المستصحب يمكن إسناده بعنوان الحكم الواقعيّ إلى المولى؛ إذ موضوع جواز الإسناد هو العلم بكونه منه، والاستصحاب يقوم مقام هذا العلم، إذن فالاستصحابان في المقام يؤدّيان إلى جواز إسناد كلا العدمين إلى المولى وهو غير جائز، لعدم جواز إسناد ما علم بكذبه إليه، وهنا نعلم إجمالاً بكذب أحدهما، والعلم الإجماليّ كاف أيضاً في الحرمة، ومقدار الجامع واصل إلينا ومنجّز علينا، فيبطل الاستصحاب في كلا الطرفين؛ لأدائهما إلى المخالفة القطعيّة. وأتذكّر أنّ السيّد الاُستاذ كان يقع في ضيق من ناحية أنّه هل يعدّل مبناه، أو يعدّل هذه التفريعات.

ثمّ إنّه لو فرض قطع النظر عن هذه النكتة التي ذكرناها لا وجه لجريان كلا الاستصحابين في نفسه بقطع النظر عن المعارضة، وإنّما يجري استصحاب عدم التكليف فقط دون استصحاب عدم الإباحة؛ إذ لا أثر له، فكان ينبغي له بقطع النظر عن تلك النكتة أن يجيب على الإشكال، بأنّ استصحاب عدم الإباحة غير جار في نفسه ثمّ يقول بعنوان التنزّل: ولو جرى لم يعارض استصحاب عدم الحرمة.

والثاني: أنّ استصحاب عدم الإلزام حاكم على استصحاب عدم الإباحة؛ إذ الإباحة التي وقعت أحد طرفي العلم الإجماليّ ليست هي الإباحة الخاصّة بعنوان خاصّ، بل هي الإباحة العامّة الموضوعة على عنوان (كلّ ما لم يجعل فيه الإلزام)، فإنّ هذه الإباحة تظهر من الأخبار كما ورد من ردعه(صلى الله عليه وآله) أصحابه عن كثرة السؤال في الحجّ وما ورد من قوله(صلى الله عليه وآله): (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)(1).



(1) راجع مصباح الاُصول، ج 2، ص 290 و 291 ولم يرد فيه الاستشهاد بقوله(صلى الله عليه وآله): (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)، ولا يحضرني كتاب الدراسات.