المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

237

يجعل المشكوك غير المتيقّن(1).

الرابع: دعوى تغيّر الموضوع عرفاً، فإنّ العرف من باب مناسبات الحكم والموضوع يرى أنّ الصبا مقوّم لموضوع رفع القلم في تلك الحالة، ويحكم بأنّ العدم الثابت في حال الصغر لصغره عدم معنون بعنوان العفو للصغر والقصور المحدود من قبل الشارع بحدّ معيّن، وبمجرّد وصول ذلك الحدّ يتبدّل الموضوع ولو كان التكليف بعد هذا الحدّ معدوماً أيضاً، فكأنّ هذا عدم آخر في نظر العرف، والحاصل أنّ حيثيّة الصغر في نظر العرف حيثيّة تقييديّة ومقوّمة للموضوع، فعدم تكليف الكبير يعتبر مغايراً لعدم تكليف الصغير، ولا يفترض أحدهما بقاءً للآخر، واستصحاب عدم تكليف الصغير غير جار لانقطاعه القطعيّ.



(1) وهذا الجواب أدقّ من الجواب الذي ذكره السيّد الخوئيّ(رحمه الله)من أنّ عدم التكليف إن كان أزليّاً غير منتسب إلى الشارع كفى انتسابه إليه بنفس الاستصحاب(1)؛ وذلك لأنّ المشكلة لم تكن مشكلة مجرّد عدم انتساب العدم إلى الشارع، وإلاّ لكان جوابها: أنّ عدم التكليف حتّى لو لم ينتسب إلى الشارع يكفي في الأمن، وإنّما المشكلة مشكلة تفرّد العدم وتعدّده بانتسابه وعدم انتسابه إلى الشارع، فالعدم الأوّل انتهى يقيناً، والعدم الثاني مشكوك الحدوث، وهذا كما ترى لا تعالجه نسبة العدم الأوّل إلى الشارع ببركة الاستصحاب.

أمّا لو فرض أنّ المشكلة هي مشكلة عدم انتساب العدم إلى الشارع، فلابدّ أن نرى أنّه هل المدّعى اشتراط انتساب العدم إلى الشارع ولو ظاهراً، أو اشتراط انتسابه إليه واقعاً وإن كفى لنا ثبوت الانتساب الواقعيّ ظاهراً، فإن فرض الأوّل صحّ جواب السيّد الخوئيّ(رحمه الله) من أنّ الاستصحاب صحّح الانتساب. وإن فرض الثاني لم يصحّ هذا الجواب؛ لأنّ الاستصحاب إنّما أثبت الانتساب الظاهريّ واقعاً، ولم يثبت الانتساب الواقعيّ ظاهراً.


(1) مصباح الاُصول، ج2، ص 294.