المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

236

من الانتهاء إلى أثر عمليّ من التعذير، والتعذير ثابت هنا بدونها بالوجدان لقاعدةقبح العقاب بلا بيان، فإحراز ذلك بالبراءة الشرعيّة تعبدّاً إحراز للشيء الثابت بالوجدان بالتعبّد، وهو من أردَأ أنحاء تحصيل الحاصل.

الثالث: أنّ عدم التكليف في حال الصغر كان من باب اللاحرجيّة العقليّة وهو مقطوع الانتفاء، وعدم التكليف في حال الكبر هو النفي الشرعيّ بمعنى عدم جعل الشارع للتكليف عليه مع فرض قابليّته لجعل التكليف عليه، وهذا ليس هو المتيقّن سابقاً.

ولكن لا يخفى أنّ هذا الإشكال ـ لو تمّ في نفسه ـ لم يتمّ على إطلاقه، فإنّ الصبيّ في الغالب يمرّ قبل البلوغ بمستوىً من الوعي بحيث لا يبقى مانع من قِبل العقل من إيقاع حرج التكليف عليه، ويكون نفي التكليف عنه نفياً شرعيّاً. نعم، يتأتّى هذا الإشكال في المجنون إذا أفاق، وفي الصبي إذا استمرّ معه عدم التمييز وكان بحكم المجنون.

والتحقيق: أنّ هذا الإشكال في نفسه غير صحيح؛ وذلك لأنّ العدم إنّما يتحصّص بتعدّد ما اُضيف إليه ذلك العدم، ولا يتحصّص بمجرّد تعدّد الملاك، مثلاً لو كانت الورقة مرطوبة فقطعنا بعدم احتراقها بالنار المجاورة لها لرطوبتها، ثمّ جفّت الرطوبة واحتملنا عدم احتراقها بعدُ لانطفاء النار جرى بلا إشكال استصحاب عدم الاحتراق، فإنّ الاحتراق الواحد لا يتعدّد أعدامه بتعدّد الملاك، فعدم الاحتراق لو كان باقياً فهو عدم واحد مستمرّ رغم كونه ابتداءً بملاك عدم قابليّة القابل وانتهاءً بملاك عدم فاعليّة الفاعل، فإنّ هذه الحيثيّات إنّما هي حيثيّات تعليليّة للعدم، وليست حيثيّات تقييديّة ومحصّصة للعدم، وما نحن فيه من هذا القبيل، فعدم التكليف وإن كان تارةً بملاك عدم قابليّة المورد عقلاً للتكليف، واُخرى بملاك عدم تماميّة المبادئ في نفس المولى، لكن هذا لا يفرّد العدم ولا