المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

235

هذا هو الجواب الذي كنّا نتمنّى للسيّد الاُستاذ أن يذكره في المقام.

أمّا نحن ففي مقام الجواب لا نجيب حتّى بهذا البيان، بل نقول: إنّ هذا الكلام كلّه مبنيّ على الانشغال بالألفاظ عن المعاني، فإنّنا قلنا فيما سبق: إنّ الخطابات الظاهريّة على اختلاف ألسنتها والتفنّن في التعبير عنها يكون جوهرها ومدلولها التصديقيّ أحد أمرين: إبراز شدّة الاهتمام بالواقع المشكوك، وإبراز عدم شدّة الاهتمام به بحيث يرضى بترك الاحتياط، فاستصحاب عدم التكليف في المقام هو بحسب الحقيقة إبراز لعدم شدّة اهتمام المولى بتكاليفه الواقعيّة ورضاه بتركها، فالمبرز بهذا الخطاب الاستصحابيّ نفس المبرز بخطاب (رفع ما لا يعلمون) مع فرق من ناحية التفنّن في العبارة، فكأنّ دليل الاستصحاب هو رواية اُخرى من روايات البراءة، فكما أنّه لم يستشكل أحد في التمسّك بحديث الرفع على عدم وجوب الاحتياط بأنّه تحصيل للحاصل، كذلك لا ينبغي الاستشكال في التمسّك بهذا الخطاب الاستصحابيّ على ذلك بلزوم تحصيل الحاصل، والوجه في عدم الاستشكال في كلا الموردين هو أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان يرتفع موضوعها بالبيان، سواء كان بياناً للواقع، أو بياناً لإيجاب الاحتياط حقيقة، بأن يصل من المولى واقعاً بيان إيجاب الاحتياط، أو توهّماً، بأن يتوهّم العبد أنّ المولى أوجب الاحتياط، وأيّ لغويّة أو إشكال يرد على المولى لو صرّح بعدم شدّة اهتمامه بتكاليفه المشكوكة وعدم إيجابه الاحتياط سدّاً لباب وصول إيجاب الاحتياط إلى العبد خطأً وتوهّماً، وهذا قد يبيّنه ببيان واحد وقد يبيّنه ببيانات متعدّدة وألسنة مختلفة، ومنها لسان الاستصحاب.

ولو صار القرار على الإشكال، يجب الإشكال حتّى في حديث الرفع وغيره من روايات البراءة وآياتها؛ إذ يقال أيضاً: إنّ البراءة الشرعيّة أصل عمليّ لابدّ لها