المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

234

العمليّ الذي ذكره شرطاً في الاستصحاب؟ فإن كان المقصود به الحكم الشرعيّ المرتبط بمقام العمل في قبال حكم شرعيّ غير مربوط بمقام العمل بالنسبة لهذا المكلّف، فهذا موجود في المقام بعد فرض تعميم الأمر على إثبات التكليف ونفيه وعدم اختصاصه بجانب الإثبات كما مضى، فإنّ التكليف في المقام مربوط بعمله؛ لأنّه يؤثّر في ضيق العنان عليه في ظرف وصوله، وكذلك عدم التكليف مربوط بعمله؛ لأنّه يؤثّر في إطلاق العنان في ظرف عدم وصول التكليف، أي: كما أنّ التكليف قد يصير سبباً للعلم به الموجب للضيق في العمل كذلك عدم التكليف رفع لهذا السبب المؤدّي إلى الضيق.

وإن كان المقصود به التنجيز والتعذير فلا إشكال في اشتراط انتهاء الاستصحاب إلى هذا الأثر، فقد يقال: إنّ الاستصحاب فيما نحن فيه غير جار؛ لثبوت التعذير بدونه لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، والمفروض اعتراف الأخباريّ بهذه القاعدة وإن ادّعى وصول البيان وهو أخبار الاحتياط.

ولكن الواقع: أنّ الاستصحاب يظهر أثره في المقام في مقابل رأي الأخباريّ القائل بورود البيان وهو أخبار الاحتياط، فإنّه بناءً على هذا الرأي تكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ بقطع النظر عن الاستصحاب ـ منتفية بانتفاء موضوعها، وعندئذ يفيدنا في المقام استصحاب نفي التكليف، وهو حاكم على أخبار الاحتياط التي يكون موضوعها فرض احتمال التكليف، أو مخصّص لها.

نعم، لو قصد التمسّك بالاستصحاب التمسّك به رغم فرض عدم تماميّة أخبار الاحتياط وتماميّة موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان فليكن إشكال المحقّق النائينيّ(رحمه الله) وارداً على التمسّك بالاستصحاب في هذا الفرض والذي هو في الحقيقة عمل صبيانيّ لا قيمة له، وإنّما تظهر قيمة التمسّك بالاستصحاب عند فرض الإيمان بأخبار الاحتياط، ومعه لا يرد إشكال المحقّق النائينيّ(رحمه الله).