المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

229

وهذا الاستغراب في غير محلّه؛ إذ الشيخ الأعظم(رحمه الله) إنّما يقول بالاستصحاب في العدم الأزليّ إذا وقع العدم الأزليّ موضوعاً لحكم شرعيّ، فيستصحب مثلاً في المكاسب عدم مخالفة الشرط للكتاب؛ لأنّه موضوع لحكم شرعيّ، وهو نفوذ الشرط ووجوب الوفاء به، وجهة الإشكال فيما نحن فيه هي أنّ عدم التكليف ليس حكماً شرعيّاً ولا موضوعاً لحكم شرعيّ، ولا علاقة لذلك بمسألة جريان الاستصحاب في العدم الأزليّ، أو عدم جريانه فيه.

وعلى أيّ حال، فلا يهمّنا تحقيق مراد الشيخ الأعظم(قدس سره)، وإنّما المهمّ النظر إلى هذا الإشكال في نفسه سواء كان مقصوداً للشيخ الأعظم أو لا.

والواقع: أنّ هذا الإشكال غير صحيح؛ وذلك لأنّه لا دليل على اشتراط هذا الأمر بعنوانه وهو كون المستصحب حكماً شرعيّاً أو موضوعاً له، وإنّما الشرط هو أن يكون المستصحب قابلاً للتصرّف الظاهريّ من قبل المولى والتعبّد الظاهريّ به نفياً وإثباتاً، ويكفي في قابليّته لذلك أن يكون عدم حكم.

الثاني: ما أفاده المحقّق النائينيّ(قدس سره)، وهو يتركّب من مقدّمتين:

الاُولى: أنّ الاستصحاب لا يكفي فيه مجرّد كون المستصحب حكماً شرعيّاً، أو موضوعاً لحكم شرعيّ، بل لابدّ من انتهائه إلى أثر عمليّ، فاستصحاب وجوب الحجّ مثلاً على شخص مات قبل خمسمئة عام من دون ترتّب أثر عمليّ لذلك بالنسبة لنا لا معنى له، والتعبّد به لغو صرف وبلا محصّل.

الثانية: أنّ الأثر العمليّ المشترط في الاستصحاب إن كان مترتّباً على الواقع المستصحب صحّح الاستصحاب. أمّا إن كان مترتّباً على الشكّ، أو على كلّ من الواقع والشكّ فلا معنى عندئذ لإجراء الاستصحاب؛ لأنّ ذاك الأثر ثابت بالوجدان لوجود الشكّ، فإثباته بالاستصحاب تحصيل للحاصل، بل من أردَأ