المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

226

وأصالة الصحّة وموضوعها فعل الغير، ففي مقام الإخبار يمكنه أن يجمع بينهما في عبارة واحدة ويقول: كلّ فعل شكّ في صحّته بعد وجوده فالأصل فيه الصحّة(1).

ولكن التحقيق: أنّ هذا التوجيه أيضاً غير مستساغ عرفاً وإن كان فنّيّاً ودقيقاً بحسب الصناعة العلميّة، وذلك لقوّة ظهور الرواية في أنّ الإمام(عليه السلام) في مقام إعطاء معنىً كلّيّ وضابطة كلّيّة لأجل أن يطبّقها المكلّف على مواردها الخارجيّة، وقد ذكرت الأمثلة لأجل تشريح ذهن هذا السامع في مقام تطبيق هذه الضابطة الكلّيّة، ومن المعلوم أنّنا لو فرضنا أنّنا حملناه على أنّه في مقام الإخبار عن نتيجة جعول متعدّدة على موضوعات متعدّدة ذات قيود مع إسقاط تلك القيود وعدم بيان تلك الموضوعات، لما أمكن للسامع تطبيق الأمر على الصغريات إلاّ إذا فرض ذكر ملازم مساو وانتزاع عنوان مطابق، كما فيما ذكرناه من مثال أصالة الصحّة وقاعدة الفراغ، دون عنوان أعمّ كما في هذا الحديث.

الوجه الثالث: هو الذي يقوى في نفسي من احتمال أنّ هذه الرواية ليست في مقام بيان قانون ابتدائيّ، بل في مقام التصريح بإطلاق قوانين الحلّيّة من قبيل الاستصحاب واليد بالنسبة لمرحلة البقاء، بمعنى أنّه إذا ثبتت لك حلّيّة شيء بأمثال هذه القوانين فلا ترفع اليد عن الحلّيّة بوسوسة، وطروّ منشأ جديد للشكّ، وحصول الظنّ بالخلاف ونحو ذلك، بل ابقِ على تلك القواعد المفروغ عنها حتّى يستبين لك غير هذا، أو تقوم به البيّنة، وهذا المطلب تطبيقه على الرواية لا يقتضي في المقام عدا الالتزام بتقييد واحد مستساغ عرفاً، ولا ينافيه إلاّ الإطلاق، ولا يخرج الحديث عن كونه بياناً عرفيّاً، وذلك بأن يقال: (كلّ شيء ثبتت حلّيّته



(1) راجع المقالات، ج 2، ص 61. وراجع نهاية الأفكار القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 234 و 235.